القوة الملزمة للإيجاب :
تنص المادة 96 من القانون المدني على أن ” المتعاقدان بالخيار بعد الإيجاب إلى آخر المجلس فلو رجع الموجب بعد الإيجاب وقبل القبول ، أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الاعتراض يبطل الإيجاب ولا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك “.
كما تنص المادة 98 على أنه ” إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد “.
ويتضح من هذين النصين أن الإيجاب قد يكون غير ملزم وقد يكون ملزماً .
1) الإيجاب غير الملزم (خيار الرجوع) :
أجازت المادة 96 مدني للموجب أن يرجع عن إيجابه قبل صدور القبول ، فللموجب الخيار في أن يظل على إيجابه حتى ينفض مجلس العقد ، أو يرجع عنه طالما لم يصدر قبول من المتعاقد الآخر. ويسمى هذا الخيار في الفقه الإسلامي بخيار الرجوع. وعلى هذا الأساس فالإيجاب غير ملزم .
ويرجع عدم لزوم الإيجاب إلى أن رجوع الموجب عنه لا يبطل حقاً للغير ، فضلاً عن أن الموجب هو الذي أثبت للمخاطب بالإيجاب ولاية القبول أو الرفض فله أن يرفع هذه الولاية قبل أن يتعلق بها حق . ولو ألزمنا الموجب بإيجابه قبل القبول لكان مجبوراً عليه وهذا ما لا يجوز .
وإذا رجع الموجب عن إيجابه قبل القبول سقط الإيجاب ، فلو قبل المخاطب بالإيجاب بعد ذلك لم ينعقد العقد لأن هذا القبول لم يرتبط بالإيجاب .
كما أن تكرار الإيجاب قبل القبول يبطل الأول ويعتبر فيه الإيجاب الثاني .
سقوط الإيجاب غير الملزم :
يسقط الإيجاب غير الملزم في الحالات الآتية :
- إذا رفضه من وجه إليه .
- إذا عدل عنه الموجب قبل اقتران القبول به ، ولو قبل انفضاض مجلس العقد .
- إذا انفض مجلس العقد دون أن يقترن به قبول ولو لم يعدل عنه الموجب .
2) الإيجاب الملزم :
يكون الإيجاب ملزماً إذا اقترن بميعاد للقبول ، وفي هذه الحالة يلتزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد .
وقد يكون تحديد ميعاد القبول :
- صريحاً كتعيين مدة محددة مثل أسبوع أو شهر.
- كما قد يستخلص هذا الميعاد ضمناً من ظروف الحال مثل تقدم الموجب بعطاء مناقصة أو مزاودة بالظرف المختوم فيلتزم بإيجابه إلى وقت فض المظاريف .
- أو من طبيعة المعاملة مثل البيع بالمراسلة .
- أو حتى من قواعد القانون مثل شرط التجربة في البيع .
ويستخلص القاضي ذلك في كل حالة على حدة .
وإذا كان الإيجاب ملزماً فلا عبرة برجوع الموجب عنه ، بحيث يصح القول بانعقاد العقد إذا صدر قبول موافق له خلال المدة التي يظل الموجب فيها ملزماً بإيجابه.
واعتبار الإيجاب ملزماً في حالة تحديد ميعاد للقبول مأخوذ من مذهب المالكية فعندهم أن الموجب إذا قيد نفسه بمدة تقيد بها ولم ينته إيجابه بانتهاء المجلس كما يتقيد كذلك بما يجري به العرف إذا جرى على تقييد الموجب بمدة معينة .
سقوط الإيجاب الملزم :
يسقط الإيجاب الملزم في حالتين :
- إذا انقضت المدة المحددة للقبول .
- إذا رفضه من وجه إليه ولو قبل انقضاء هذه المدة .
وإذا سقط الإيجاب ، سواء كان ملزماً أو غير ملزم ، لا يعتد بالقبول الذي يأتي بعد ذلك ، ولكن يجوز اعتباره إيجاباً جديداً موجهاً لمن صدر منه الإيجاب الأول الذي سقط، فإذا قبله تم العقد .