يعد القضاء مظهرا من مظاهر سيادة الدولة، لذلك فإن ولايته تشمل كافة مواطنيها المتمتعين بجنسيتها، وكافة المقيمين على إقليمها. فسيادة الدولة تمتد إلى رعاياها سواء كانوا مقيمين داخلها أو خارجها، لذلك تختص محاكم هذه الدولة بكافة الدعاوى التي ترفع على الوطني سواء كان مقيما داخل الدولة أم خارجها، وسواء أكان النزاع ناشئا عن علاقة قانونية قامت داخل تلك الدولة أم خارجها. كما أن للمحاكم في الدول المختلفة ولاية على الأجنبي المقيم فيها.
والأصل أن الأجنبي الذي لا يقيم في أرض الدولة لا يخضع لمحاكمها ، غير أن التشريعات في مختلف الدول تنظم مدى ولاية محاكمها على الأجانب الذين لا يقيمون فيها ، حماية لمواطنيها وتيسيرا عليهم ، فليس من العدل مثلا أن يحرم فلسطيني من مقاضاة أجنبي اشترى منه منقولا ، أو ارتكب في فلسطين فعلا يرتب مسؤوليته المدنية ، لأن ذلك الأجنبي لا يقيم في فلسطين .
ولكن وجود المدعى عليه في فلسطين وجودا عارضا لا يكفي وحده أساسا لانعقاد الاختصاص لمحاكم فلسطين ما دامت عناصر الدعوى الموضوعية واقعة جميعها في الخارج، مثال ذلك أن يبرم فرنسي مع فرنسي آخر ( أو مع إيطالي) في فرنسا ( أو إيطاليا) عقدا لينفذ فيها، ويكون الاثنان متوطنين في فرنسا ( أو إيطاليا)، أو يكون المدين بالالتزام على الأقل متوطنا فيها، ثم ينتهز الدائن بالالتزام فرصة قدوم مدينه إلى فلسطين للسياحة ويرفع عليه دعوى أمام محاكمها، فلا تختص هذه المحاكم بنظر مثل هذه الدعوى.
وقد كانت المادة الثانية من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 26 لسنة 1952 تنص على أنه ” تمارس المحاكم النظامية في (المملكة الأردنية الهاشمية) حق القضاء على جميع الأشخاص في المواد المدنية والجزائية باستثناء المواد التي يفوض فيها حق القضاء إلى محاكم دينية أو محاكم خاصة بموجب أحكام أي قانون آخر ” .
غير أن قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى لم يكن يتضمن نصوصا تبين قواعد الاختصاص القضائي الدولي لمحاكم فلسطين ، أي اختصاصها بالمنازعة التي تشتمل على عنصر أجنبي في مجال القانون الخاص .
أما التشريعات الفلسطينية الجديدة فقد نصت المادة (2) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 على أنه
- تنظر المحاكم النظامية في فلسطين في المنازعات والجرائم كافة إلا ما استثني بنص قانوني خاص ، وتمارس سلطة القضاء على جميع الأشخاص .
- تحدد قواعد اختصاص المحاكم وتباشر اختصاصها وفقا للقانون .
وقد نظم قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 اختصاص المحاكم في الباب الثاني منه ، وأفرد الفصل الأول من هذا الباب للاختصاص الدولي بين فيه حدود ولاية القضاء لمحاكم فلسطين في الدعاوى المدنية والتجارية في المواد 27 حتى 30 .
ويتبين من نصوص هذه المواد الأحكام الآتية :
أولا : الدعاوى المدنية والتجارية التي تقام على فلسطيني
إذا كان المدعى عليه فلسطينيا ، يجوز رفع الدعوى عليه في المواد المدنية والتجارية أمام المحاكم الفلسطينية سواء كان له موطن أو محل إقامة في فلسطين ، أم كان مقيما في الخارج وليس له في فلسطين موطن أو محل إقامة . سواء كان رافع الدعوى فلسطينيا أم أجنبيا، متوطنا في فلسطين أو مقيما فيها أو موجودا في فلسطين أو في الخارج . وسواء كان النزاع حول منقول أو عقار في فلسطين ، أم منقول موجود في الخارج . أو كان السبب الذي أنشأ العلاقة قد تم في فلسطين أم في الخارج. فلا يجوز للفلسطيني في هذه الحالة أن يدفع الدعوى بأن العلاقة نشأت في الخارج، أو بأنه يقيم في الخارج، لأن المحاكم الفلسطينية تبسط ولايتها على الفلسطيني أينما كان وفي جميع المنازعات التي يكون الفلسطيني طرفا مدعى عليه فيها أيا كانت هذه المنازعات، فيكفي أن يكون المدعى عليه فلسطينيا لكي ينعقد الاختصاص لمحاكم فلسطين.
وتنص على هذه الأحكام المادة (27) من القانون الجديد بقولها ” تختص المحاكم في فلسطين بنظر الدعاوى المدنية والتجارية التي تقام على الفلسطيني ولو لم يكن له موطن أو محل إقامة في فلسطين … . وذلك كله فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج “.
ويبدو من نص هذه المادة أنها أخذت بضابط شخصي للاختصاص هو جنسية المدعى عليه، فعلى الرغم من أن الأصل في ولاية القضاء هو الإقليمية بالنسبة للوطنيين والأجانب، إلا أنها شخصية بالنسبة للوطنيين تشمل الفلسطيني لمجرد كونه وطنيا بصرف النظر عن موطنه أو محل إقامته، وسواء أكان النزاع ناشئا عن علاقة قانونية قامت داخل فلسطين أو خارجها.
واختصاص المحاكم الفلسطينية بالدعاوى التي ترفع على الفلسطيني يعد تطبيقا لقاعدة أن المدعي يسعى إلى المدعى عليه في محكمته، وتحقيقا لسلطان الدولة على رعاياها، كما أنه في الوقت ذاته يهدف إلى تيسير الخصومة لأن الحكم الصادر من محاكم دولة يتبعها المدعى عليه يسهل تنفيذه ، بينما إذا صدر الحكم من محكمة أجنبية فيلزم استصدار أمر بتنفيذه من محاكم دولته .
ويظل الاختصاص منعقدا للمحاكم الفلسطينية حتى لو اكتسب الفلسطيني جنسية دولة أخرى طالما بقيت له الجنسية الفلسطينية، فإذا أسقطت عنه الجنسية الفلسطينية لا ينعقد الاختصاص للمحاكم الفلسطينية. وشرط تمتع المدعى عليه بالجنسية هو شرط ابتداء وانتهاء، بمعنى أنه يشترط أن يكون المدعى عليه فلسطينيا عند رفع الدعوى وأن يظل كذلك حتى صدور الحكم النهائي فيها. فإذا كان فلسطينيا عند رفع الدعوى وأسقطت عنه هذه الجنسية قبل صدور الحكم النهائي فيها، انتفى هذا الاختصاص، فإذا دفع بعدم الاختصاص دوليا بنظر الدعوى أو تغيب عن الحضور، يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها عملا بالمادة 30 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وتقف عند هذا الحد، ويكون للمدعي أن يقيم دعوى جديدة أمام المحكمة المختصة دوليا. أما إذا قبل المدعى عليه ولاية القضاء الفلسطيني صراحة أو ضمنا، تنظر المحكمة الدعوى عملا بالمادة 29/1 من القانون المذكور.
وقد استثنت المادة 27 من الاختصاص الدولي للمحاكم الفلسطينية، الدعاوى التي ترفع على مواطن فلسطيني إذا تعلقت بعقار في الخارج، وهذا الاستثناء يتفق مع فكرة النظام العام التي تتمسك بها كل دولة باعتبار أن الثروة العقارية تمس كيان الدولة الاقتصادي، وأن أي دولة لا تقبل تنفيذ حكم صادر من محكمة أجنبية يمس هذا الكيان. لذلك فإن ولاية قضاء الدولة الواقع فيها العقار تشمل المنازعات المتعلقة به حتى ولو كان المدعى عليه في تلك المنازعة فلسطينيا.
ثانيا : الدعاوى المدنية والتجارية التي تقام على أجنبي له موطن أو محل إقامة في فلسطين ،
وهذه الدعاوى تختص محاكم فلسطين بنظرها على أساس معيار موطن المدعى عليه أو محل إقامته ، والموطن يشمل الموطن العام ، والمواطن الخاص مثل موطن الأعمال أو الموطن التجاري وغيره ، ويرجع في تحديد مختلف هذه المواطن إلى القانون الفلسطيني . وتنظر محاكم فلسطين في جميع الدعاوى المدنية والتجارية المرفوعة على ذلك الأجنبي فيما عدا الدعاوى العقارية (أي العينية العقارية) المتعلقة بعقار واقع في الخارج ، لأن هذه الدعاوى من اختصاص محكمة موقع العقار فقط .
ولا يكفي التواجد العابر لأجنبي في فلسطين لتختص المحاكم الفلسطينية بالدعاوى المدنية والتجارية التي ترفع عليه، بل يلزم أن يتوافر في هذا التواجد عنصر الاستقرار فيها، بحصول الأجنبي على الإقامة من السلطة المختصة.
وإذا كان للأجنبي موطن في فلسطين وموطن في الخارج، وكان يتردد بينهما، كانت المحاكم الفلسطينية مختصة بالدعاوى التي ترفع عليه أمامها.
ثالثا : الدعاوى المدنية والتجارية التي تقام على أجنبي ليس له موطن أو محل إقامة في فلسطين .
وقد بينت المادة 28 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية أن محاكم فلسطين تختص بنظر هذه الدعاوى في الحالات الآتية :
- إذا كان للأجنبي سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، موطن مختار في فلسطين، على أن تكون المنازعة متعلقة بالعمل أو الموضوع الذي اختير له الموطن المختار، ومرد هذا الاختصاص هو فكرة الخضوع الاختياري، إذ أن قيام المدعى عليه الأجنبي بتعيين موطن مختار له في فلسطين بالنسبة للعمل القانوني يفيد اختياره الخضوع للمحاكم الفلسطينية بالنسبة لجميع المنازعات التي ترتبط بهذا العمل .
واختيار الأجنبي موطنا مختارا له في فلسطين لا يحول دون رفع الدعوى عليه أمام محاكم موطنه الأصلي في الخارج، إذ يصبح الاختصاص مشتركا بين محاكم دولة الموطن الأصلي ومحاكم دولة الموطن المختار. ويقع على المدعي عبء إثبات الموطن المختار للأجنبي في فلسطين.
- إذا كانت الدعوى متعلقة بمال (عقار أو منقول) مادي أو معنوي موجود في فلسطين ، سواء كانت دعوى شخصية كطلب تنفيذ الالتزام بتسليم المبيع أو الالتزام بالضمان، أم عينية كدعوى الملكية في مال موجود في فلسطين ، وذلك لأن المحاكم الفلسطينية هي أقرب إلى المال من غيرها ، وقد يستلزم تحقيق الدعوى انتقال المحكمة إلى محل المال لمعاينته .
- إذا كانت الدعوى متعلقة بالتزام نشأ في فلسطين، بصرف النظر عما إذا كان الالتزام تعاقديا أم تقصيريا، فقد ينشأ الالتزام عن عمل مادي وقع في فلسطين، كأن يسبب سائح أجنبي حادث طرق يترتب عليه ضرر ، فيجوز مطالبته بالتعويض أمام المحاكم الفلسطينية ولو كان قد غادر البلاد، بل ويجوز اللجوء إلى القضاء المستعجل لمنعه من السفر وفق الشروط المقررة في القانون.
- إذا كانت الدعوى متعلقة بالتزام نفذ في فلسطين أو كان واجبا تنفيذه فيها ، ولو كان الالتزام قد نشأ في الخارج، لما لهذه الدعاوى من صلة واضحة بإقليم فلسطين مما يبرر عقد الاختصاص لمحاكمها. ويمكن التعرف على ذلك من بنود العقد أو ظروف التعاقد وقصد المتعاقدين، مثال ذلك عقد عمل صاحب العمل فيه شركة أجنبية ليس لها موطن في فلسطين فإذا نفذ العمل في فلسطين أو كان واجبا تنفيذه فيها كالتعاقد مع مهندس لإنشاء مصنع في فلسطين وتركيب آلاته ومعداته تكون المحاكم الفلسطينية مختصة بنظر الدعوى رغم اتفاق الخصوم في عقد العمل على اختصاص محاكم غير فلسطينية بنظر ما قد ينشأ عن العقد من منازعات. ولا يملك المدعى عليه دفع الدعوى بعدم اختصاص المحاكم الفلسطينية لأن قواعد الاختصاص القضائي الدولي في فلسطين تعد من النظام العام، لذلك لا يجوز للخصم أن يستبعد اختصاص المحاكم الفلسطينية إذا كانت هذه المحاكم مختصة بنظر الدعوى وفقا للقانون الفلسطيني، فالقانون يجيز له مد الاختصاص المحاكم الفلسطينية على أساس الإرادة، ولكن لا يجيز له الخروج عليه على أساس الإباحة.
- إذا كانت الدعوى متعلقة بإفلاس أشهر في فلسطين ، كالدعوى التي يرفعها وكيل الدائنين على أجنبي ليس له موطن أو محل إقامة في فلسطين بإبطال تصرف لحصوله في فترة الريبة، ويظل هذا الاختصاص منعقدا إلى أن تغلق التفليسة.
- إذا تعدد المدعى عليهم وكان لأحدهم موطن أو محل إقامة في فلسطين .
ويشترط لخضوع الأجنبي للقضاء الفلسطيني في هذه الحالة شرطان :
- أن يكون أحد المدعى عليهم معه له موطن أو محل إقامة في فلسطين .
- أن يتصل النزاع بالمدعى عليه الذي له موطن أو محل إقامة في فلسطين حقيقة ، حتى لا يكون القصد من رفع الدعوى عليه مجرد جلب الأجنبي أمام المحاكم الفلسطينية .
ويجب أن يكون التعدد حقيقيا، وأن يكون المدعى عليه المقيم في فلسطين خصما حقيقيا، فإن كان خصما غير حقيقي لا ينعقد الاختصاص للمحاكم الفلسطينية. ويستوي أن يكون المدعى عليه الذي له موطن أو محل إقامة في فلسطين شخصا طبيعيا أو اعتباريا، وسواء اختصم منذ رفع الدعوى أم أدخل فيها بعد ذلك طالما كان خصما حقيقيا، حتى لا يؤدي السهو عنه في لائحة الدعوى إلى نفي اختصاص المحاكم الفلسطينية.
ويهدف مد الاختصاص في هذه الحالة إلى تفادي رفع دعاوى متعددة أمام محاكم تتبع دولا مختلفة، فتتضاعف نفقات التقاضي، وقد تتناقض الأحكام .
- إذا قبل الخصوم ولاية المحاكم الفلسطينية صراحة أو ضمنا ولو لم تكن الدعوى داخلة في اختصاصها، ويشترط في هذه الحالة قبول المدعين و المدعى عليهم معا، فالخصوم تشمل الفريقين مهما تعدد أطراف كل منهم . أما إذا كانت المحكمة الفلسطينية غير مختصة بنظر الدعوى، وقبل بعض المدعى عليهم بولايتها بينما رفض الآخرون ذلك، فإنه يمتنع على المحكمة نظر هذه الدعوى والفصل فيها . ويتحقق القبول الصريح عادة بالنص عليه في التصرف القانوني الذي تستند إليه الدعوى، ويغلب أن يكون قبول الاختصاص في هذه الحالة عاما فلا يقتصر على دعوى بعينها، بمعنى أنه ينص في هذا التصرف على اختصاص المحاكم الفلسطينية بكافة المنازعات المتعلقة بهذا التصرف.
ويكون القبول ضمنيا من قبل المدعي برفع دعواه أمام المحاكم الفلسطينية، ويتحقق من قبل المدعى عليه إذا حضر لدى المحكمة ولم يدفع بعدم الاختصاص وترافع في الدعوى بإبداء أوجه دفاعه أو دفوعه الموضوعية إذ يدل ذلك على قبول المدعي والمدعى عليه ولاية القضاء الفلسطيني. أما إذا حضر المدعى عليه ولم يبد الدفع بعدم الاختصاص ثم تغيب بعد ذلك دون أن يقبل الاختصاص صراحة، تعين على المحكمة الوقوف على ما إذا كان قد توافر القبول الضمني من عدمه، فإذا تبين لها من مسلكه في الدعوى عند نظرها أنه وقف منها موقفا سلبيا بعدم تحدثه عنها أو دفعها أو إبداء طلبات، اعتبرت ذلك رفضا لاختصاصها وقضت بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها، إذ يتساوى الحضور السلبي مع عدم الحضور لتعذر استخلاص القبول من هذا المسلك السلبي.
واستخلاص القبول الضمني من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض طالما كان استخلاصها سائغا.
ومتى تم القبول صراحة أو ضمنا سقط حق المدعى عليه في الدفع بعدم الاختصاص الدولي للمحكمة، والساقط لا يعود، وتستمر المحكمة في نظر الدعوى ثم تصدر حكمها في الدفع برفضه وفي الموضوع وفقا لما تخلص إليه.
- إذا رفعت لمحاكم فلسطين دعوى داخلة في اختصاصها تكون هذه المحاكم مختصة بالفصل في المسائل والطلبات العارضة والأصلية المرتبطة بهذه الدعوى الأصلية حتى ولو لم تكن تدخل في اختصاصها إذا رفعت إليها ابتداء (م29/2). سواء كان الطلب مقدما من المدعى عليه ضد المدعي ردا على دعواه (ادعاء مقابل) أم قدم من المدعي في صورة طلبات إضافية، أم قدم من الغير إلى أحد الخصوم (التدخل) ، أم من أحد الخصوم إلى الغير (اختصام الغير). طالما كان في ذلك تحقيق لحسن سير العدالة، حتى لا تتشتت أوصال القضية، أو يتعطل الفصل فيها لسبب فرعي يمكن للمحكمة التصدي له حتى لو كان الاختصاص منعقدا لمحكمة أخرى أجنبية. فتختص المحاكم الفلسطينية بنظر المسائل الأولية التي تثار أثناء نظر الدعوى ويتوقف على الفصل فيها الفصل في الدعوى، مثال ذلك دعوى المطالبة بحصة من الميراث، حيث يشترط لقبولها أن يكون المدعي وارثا، فإذا أثير نزاع حول هذه الصفة على المحكمة الفصل فيها أولا حتى يمكن الفصل في الدعوى. كما تختص المحكمة بنظر الطلب العارض كطلب إجراء المقاصة أو طلب التدخل في الدعوى أو إدخال الغير. وكذلك الطلب المرتبط كما في المطالبة بالأجر إذ يرتبط به طلب فسخ عقد العمل أو عقد الوكالة لعدم الوفاء بالالتزام المقابل.
- تختص محاكم فلسطين بالأمر بالإجراءات الوقتية والتحفظية التي ستنفذ في فلسطين ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية (م29/3) . ويستند هذا الاختصاص إلى قاعدة الأمن المدني التي أقرها فقه القانون الدولي الخاص، ومؤداها انعقاد الاختصاص للمحاكم الفلسطينية وحدها بإصدار القرارات الوقتية والتحفظية متى كان المراد باستصدارها أن تنفذ في فلسطين، بحيث إذا صدر قرار وقتي أو تحفظي من المحاكم الأجنبية المختصة بالدعوى الموضوعية لا يجوز تنفيذه في فلسطين. وأساس هذا الاختصاص أن المشرع قدر أن التراخي في القيام بمثل هذه الإجراءات التحفظية والوقتية إلى حين البت في النزاع الأصلي المرفوع أمام محكمة دولة أجنبية قد يكون فيه إضرار بمصالح الخصوم وضياع حقوقهم ، لذلك لم يتردد في تقرير اختصاص المحاكم الفلسطينية بالأمر بها.
الحكم في غير الحالات المتقدمة:
إذا رفعت دعوى على أجنبي ليس له موطن أو محل إقامة في فلسطين في غير الحالات المتقدمة، جاز له أن يدفع بعدم اختصاص المحاكم الفلسطينية ويتعين عليه أن يبدي هذا الدفع قبل التكلم في الموضوع، لأن الدخول في موضوع الدعوى يفيد القبول باختصاص المحكمة .
أما إذا لم يحضر المدعى عليه، فإن المادة (30) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد توجب على المحكمة إذا لم تكن مختصة بنظر الدعوى طبقا للمواد السابقة أن تحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى من تلقاء نفسها.