قدّم وزير العدل ؛ بناء على طلب رئيس الوزراء، للمحكمة الدستورية طلب تفسير دستوري رقم 1/2016 وذلك لتفسير نص المادتين 18 و 20 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002، لأن هاتين المادتين أثارتا خلافا في تطبيقهما، واللتان تنصان على ما يأتي:
المادة 18 : إجراءات شغل الوظائف القضائية.
- يكون شغل الوظائف القضائية بقرار من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بناء على تنسيب من مجلس القضاء الأعلى وفقا لما يلي:
- بطريق التعيين ابتداء.
- الترقية على أساس الأقدمية مع مراعاة الكفاءة.
- التعيين من النيابة العامة.
- الاستعارة من الدول الشقيقة.
المادة 20 – الخاصة بشروط تعيين قضاة المحكمة العليا.
- يشترط فيمن يعين رئيسا للمحكمة العليا أو نائبا له أن يكون قد جلس للقضاء بدوائر المحكمة العليا مدة لا تقل عن ثلاث سنوات أو عمل محاميا مدة لا تقل عن خمسة عشر سنة.
وفي تقصّي أسباب الخلاف في التطبيق، وجدت المحكمة أن مجلس القضاء الأعلى كان بتاريخ 13/1/2016 قد نسّب لرئيس دولة فلسطين أربعة قضاة من قضاة المحكمة العليا حسب ترتيب أقدميتهم ومراكزهم القانونية في المحكمة العليا، لشغل منصب رئيس المحكمة العليا / رئيس مجلس القضاء الأعلى. وأن السيد الرئيس قد أصدر بتاريخ 20/1/2016 قرارا بتعيين القاضي سامي صرصور – أحد المنسبين- رئيسا للمحكمة العليا/ رئيسا لمجلس القضاء الأعلى، وتعيين القاضي عماد سليم سعد – وهو أحد المنسبين أيضا- نائبا لرئيس المحكمة العليا/ نائبا لرئيس مجلس القضاء الأعلى. وقرارا آخر بتاريخ 21/1/2016 بتعيين القاضي عماد سليم سعد نائبا أول لرئيس المحكمة العليا/ نائبا أول لرئيس مجلس القضاء الأعلى. طبقا للصلاحيات الممنوحة له وفق القانون الأساسي المعدل لسنة 2003؛ ومفهوم المادتين 18 و 20 من قانون السلطة القضائية، وبناء على ما جاء في تنسيب مجلس القضاء الأعلى سالف الذكر.
وأنه بعد ذلك تقدم أحد قضاة المحكمة العليا بتاريخ 2/3/2016 بطعن لدى المحكمة العليا سجل تحت رقم 65/2016 وطعن آخر سجل تحت رقم 4/2016 للطعن في القرارين المتعلقين بالقاضي عماد سليم سعد باعتبارهما يفصحان عن استقواء للسلطة التنفيذية واغتصابا لجوهر اختصاص السلطة القضائية باعتبارهما قرارين صادرين دون تنسيب من مجلس القضاء الأعلى ، وأن القرار الثاني استحدث منصبا جديدا سماه النائب الأول لمجلس القضاء الأعلى.
وفي مقدمة قرارها بيّنت المحكمة أن القضاء الدستوري المقارن استقر على أن اختصاص المحكمة بتفسير النصوص القانونية مشروط بأمرين:
الأمر الأول: أن يكون للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية لا ثانوية، تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها ووزن المصالح المرتبطة بها.
والأمر الثاني: أن يكون هذا النص فوق أهميته قد أثار عند تطبيقه خلافا حول مضمونه تتباين معه الآثار التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه، بما يفضي عمدا إلى الإخلال بوحدة القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم والمتماثلة مراكزهم القانونية إزاءها ويهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد، يتحدد على ضوئه ما قصده المشرع منها عند إقرارها ضمانا لتطبيقها متكافئا بين المخاطبين بها.
كما بيّنت المحكمة في قرارها ( أن الفقرة 2 من المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية لا يخول المحكمة غير استقصاء إرادة المشرع العادي واستخلاصها بطريق الدلالة المختلفة دون تقييم لها…. لأنه من المقرر أن تفسير النصوص القانونية لا يجوز أن يكون موطئا إلى تعديل هذه النصوص بما يخرجها عن معناها…. كما أنه من غير الجائز أن يتخذ التفسير التشريعي ذريعة لتصويب أخطاء وقع فيها المشرع، أو لمواجهة نتائج لم يكن قد قدّر عواقبها حق قدرها حين أقر النصوص التشريعية المتصلة بها ).