نصت المادة 97 من القانون الأساسي المعدل على أن ( السلطة القضائية مستقلة ، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها. ويحدد القانون طريقة تشكيلها واختصاصاتها …) . كما نصت المادة 101 منه على أن ( 1- المسائل الشرعية والأحوال الشخصية تتولاها المحاكم الشرعية والدينية وفقا للقانون . 2- تنشأ المحاكم العسكرية بقوانين خاصة. وليس لهذه المحاكم أي اختصاص أو ولاية خارج نطاق الشأن العسكري). ونصت المادة 102 على أن ( يجوز بقانون إنشاء محاكم إدارية للنظر في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى والإجراءات التي تتبع أمامها).
ونصت المادة 6 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على أن ( تتكون المحاكم الفلسطينية من:-
أولا : المحاكم الشرعية والدينية وينظمها القانون .
ثانيا المحكمة الدستورية العليا وينظمها القانون .
ثالثا : المحاكم النظامية وتتكون من :
- المحكمة العليا وتتكون من: أ- محكمة النقض. ب_ محكمة العدل العليا.
- محاكم الاستئناف .
- محاكم البداية .
- محاكم الصلح .
وتنظر كل منها في المسائل التي ترفع إليها طبقا للقانون
يتبين من النصوص السابقة أن المحاكم في فلسطين تنقسم إلى أربعة أنواع :
- المحاكم النظامية .
- المحاكم الدينية .
- المحاكم الخاصة .
- المحكمة الدستورية العليا .
ونتناول كل نوع منها في مبحث على التوالي .
المبحث الأول
المحاكم النظامية
تعد المحاكم النظامية صاحبة الولاية العامة من حيث الموضوع ومن حيث الأشخاص إلا ما يستثنى بنص قانوني خاص . فهي تختص بالفصل في كافة المنازعات وجميع الجرائم أيا كانت طالما أنها لم تخرج عن اختصاصها بنص خاص.
وفي ذلك تنص المادة الثانية من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 في فقرتها الأولى على أنه ” 1- تنظر المحاكم النظامية في فلسطين في المنازعات والجرائم كافة إلا ما استثني بنص قانوني خاص ، وتمارس سلطة القضاء على جميع الأشخاص“. وهو مطابق لنص المادة 14 من قانون السلطة القضائية.
وتنقسم المحاكم النظامية إلى محاكم عادية ومحكمة إدارية هي محكمة العدل العليا وسنتكلم عن كل منها في مطلب على التوالي .
المطلب الأول
المحاكم العادية
تشمل المحاكم العادية محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الدرجة الثانية بالإضافة إلى محكمة النقض .
أولا : محاكم الدرجة الأولى
- محاكم الصلح:نصت المادة 13 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على أن ( 1- تنشأ بدائرة كل محكمة بداية محكمة صلح أو أكثر حسب الحاجة ويصدر بتحديد مقرها ودائرة اختصاصها قرار من وزير العدل. 2- يجوز أن تعقد محاكم الصلح جلساتها في أي مكان بدائرة اختصاصها عند الضرورة بقرار يصدر من رئيس محكمة البداية).
كما نصت المادة (8) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 على أنه ” تنشأ في دائرة كل محكمة بداية محكمة صلح أو أكثر حسب الحاجة ، وتمارس الاختصاصات المخولة لها طبقا للقانون“. وتشكل محكمة الصلح وفق المادة (9) من قاض منفرد يعرف بقاضي الصلح . كما يتولى مجلس القضاء الأعلى وفق المادة (10) تنظيم أعمال محاكم الصلح وتقسيمها إلى دوائر متخصصة إذا دعت الحاجة إلى ذلك . وقد حددت صلاحيات محاكم الصلح في المادة (39) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 3 لسنة2001 ، وفي نصوص متفرقة في قوانين أخرى .
- محاكم البداية: نصت المادة 12 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على أن ( 1- تكون مقار محاكم البداية في مراكز المحافظات. 2- تؤلف كل محكمة بداية من رئيس وعدد كاف من القضاة. 3- يجوز أن تعقد محاكم البداية في أي مكان خارج نطاق اختصاصها المحلي بقرار من رئيس المحكمة العليا بتغيير المرجع في حالة الضرورة). كما نصت المادة 12 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 على أن (تنشأ محاكم البداية في مراكز المحافظات حسب مقتضى الحال )، وهي صاحبة الولاية العامة في نظر جميع الدعاوى والطلبات التي لا تدخل في اختصاص أية محكمة أخرى، وتكون في هذه الحالة محكمة درجة أولى(1). كما تنظر في الأحكام المستأنفة الصادرة عن محكمة الصلح والتي ينص قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية أنها تستأنف إلى محكمة البداية ، وفي أي حكم آخر ينص أي قانون آخر على استئنافه إلى محكمة البداية ، وتكون في هذه الحالة محكمة درجة ثانية بصفتها محكمة استئنافية .
وتشكل محكمة البداية من رئيس وعدد من القضاة ، وتنعقد هيئة المحكمة من ثلاثة قضاة تكون الرئاسة لرئيس المحكمة أو لأقدمهم للنظر في الجرائم التي ينص القانون على أن عقوبتها إحدى العقوبات التالية والجرائم المتلازمة مع هذه الجرائم :
- الإعدام . ب- الأشغال الشاقة المؤبدة. ج- الاعتقال المؤبد. د- الحبس المؤبد. ه- السجن أو الحبس الذي يزيد عن (10) سنوات.
كما تنعقد محكمة البداية من قاض فرد في الأحوال الآتية:
- للنظر في كافة الجنايات غير المنصوص عليها في الفقرة السابقة والجنح المتلازمة معها.
- للنظر في كافة الدعاوى المدنية الخارجة عن اختصاص محاكم الصلح مهما بلغت قيمتها. (2)
ويجوز انعقاد محكمة البداية في القضايا الجزائية خارج دائرة اختصاصها بمقتضى قرار يصدر عن رئيس المحكمة العليا بناء على طلب من النائب العام.(3)
ثانيا : محاكم الدرجة الثانية
يتبين من نصوص قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 أن هناك نوعين من محاكم الاستئناف :
- محاكم البداية بصفتها محكمة استئناف وتنظر في الأحكام الصادرة عن محكمة الصلح كما سبق بيانه .
- محاكم الاستئناف ، نصت المادة 11 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على أن ( 1- تنشأ محاكم استئناف في القدس وغزة ورام الله . 2- تؤلف كل محكمة استئناف من رئيس وعدد كاف من القضاة). كما نص قانون تشكيل المحاكم النظامية على أنه تنشأ محاكم استئناف في كل من 1- العاصمة القدس. 2- غزة. 3- رام الله. وتشكل محكمة الاستئناف من رئيس وعدد كاف من القضاة، وتنعقد من ثلاثة قضاة برئاسة أقدمهم في القضايا الجزائية والمدنية المستأنفة إليها. وهي تختص بالنظر في الاستئنافات المرفوعة إليها بشأن الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم البداية بصفتها محكمة أول درجة، وأي استئناف يرفع إليها بموجب أي قانون آخر.(4)
ثالثا : محكمة النقض
مقرها الدائم في العاصمة القدس، وتنعقد مؤقتا في مدينتي غزة ورام الله حسب مقتضى الحال، وهي تشكل من رئيس ونائب أو أكثر وعدد كاف من القضاة(5) وتنعقد برئاسة رئيس المحكمة وأربعة قضاة ، وعند غياب الرئيس يرأسها أقدم نوابه فالقاضي الأقدم في الهيئة . وتنحصر مهمتها في الإشراف على صحة تطبيق القانون، لذا فهي تقوم بتدقيق الأحكام المرفوعة إليها من ناحية مخالفتها لأحكام القانون دون التعرض للوقائع، وتقوم بتقرير المبادئ الصحيحة في النزاع المعروض عليها إذا كان الطعن في الحكم المرفوع إليها مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله. فإذا نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه فإنها تعيد القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتحكم فيها من جديد ، ومع ذلك فقد أجازت قوانين الأصول المدنية والجزائية لمحكمة النقض النظر في الموضوع في بعض الحالات .
وتختص محكمة النقض بالنظر في (5):
- الطعون المرفوعة إليها عن محاكم الاستئناف في القضايا الجزائية والمدنية ومسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين .
- الطعون المرفوعة إليها عن محاكم البداية بصفتها الاستئنافية .
- المسائل المتعلقة بتغيير مرجع الدعوى .
- أية طلبات ترفع إليها بموجب أي قانون آخر .
المطلب الثاني
محكمة العدل العليا
تنص المادة 102 من القانون الأساسي المعدل على أنه ( يجوز بقانون إنشاء محاكم إدارية للنظر في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية . ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى والإجراءات التي تتبع أمامها). ونصت المادة 104 منه على أن( تتولى المحكمة العليا مؤقتا كل المهام المسندة للمحاكم الإدارية ..). ولم يصدر قانون خاص بإنشاء محاكم إدارية، بينما نصت المادة 32 من قانون تشكيل المحاكم على أن (تنعقد محكمة العدل العليا من رئيس المحكمة العليا وقاضيين على الأقل، وعند غياب الرئيس يرأس المحكمة أقدم نوابه، فالقاضي الأقدم في هيئة المحكمة).
ويشترط في الطلبات والطعون المرفوعة لمحكمة العدل العليا أن يكون سبب الطعن متعلقا بواحد أو أكثر من :
- الاختصاص .
- وجود عيب في الشكل .
- مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها .
- التعسف و الانحراف في استعمال السلطة على الوجه المبين في القانون (6).
وقد بينت المادة 33 من قانون تشكيل المحاكم النظامية اختصاص محكمة العدل العليا. بينما أفرد قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 الباب الرابع عشر منه لأصول المحاكمات المتبعة أمام محكمة العدل العليا ويشمل المواد 283 – 291 .
المطلب الثالث
المحكمة العليا
تنص المادة 8 من قانون السلطة القضائية على أن ( 1- تؤلف المحكمة العليا من رئيس ونائب أو أكثر وعدد كاف من القضاة. 2- يكون المقر الدائم للمحكمة العليا في القدس، وتنعقد مؤقتا في مدينتي غزة ورام الله حسب مقتضى الحال) . وهو مطابق لنص المادة 24 من قانون تشكيل المحاكم النظامية . كما نصت المادة 25 من قانون تشكيل المحاكم النظامية المعدلة بالقرار بقانون رقم 15 لسنة 2014 على أن : تنعقد هيئة المحكمة العليا برئاسة رئيسها أو القاضي الأقدم في الهيئة وحضور عشرة من أعضائها بناء على طلب رئيسها أو إحدى دوائرها في الحالات التالية : 1- العدول عن مبدأ قانوني سبق أن قررته المحكمة، أو لرفع تناقض بين مبادئ سابقة . 2- إذا كانت القضية المعروضة عليها تدور حول نقطة قانونية مستحدثة، أو على جانب من التعقيد، أو تنطوي على أهمية خاصة.
كما نصت المادة 46 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على أن :
1- تختص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل في طلبات الإلغاء والتعويض ووقف التنفيذ التي يرفعها القضاة على القرارات الإدارية المتعلقة بأي شأن من شؤونهم وكذلك الفصل في المنازعات الخاصة بالرواتب والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم .
2- ترفع الطلبات المشار إليها في الفقرة أعلاه بعريضة تودع لدى قلم المحكمة العليا بغير رسوم متضمنة أسماء الخصوم وموضوع الطلب وأسانيده.
ويفيد هذا النص أن المشرع قد أخرج الدعاوى التي تتعلق بالقضاة سواء كان موضوعها حقوق مالية أم طعون إدارية من اختصاص المحاكم العادية ومحكمة العدل العليا ، وجعل هذا الاختصاص للمحكمة العليا دون غيرها ومنحها اختصاصا كاملا بالإلغاء والتعويض ، وذلك زيادة في ضمانات القضاة وعدم اضطرارهم للجوء إلى المحاكم كباقي المتقاضين حفاظا على مكانة وهيبة القضاء .
ويثير هذا النص المسائل التالية :
المسألة الأولى : ما المقصود بإحدى دوائرها، ذلك أن المحكمة العليا تتكون من محكمة النقض ومحكمة العدل العليا، وكل محكمة منهما لها مكان انعقاد في رام الله وآخر في غزة، ولا يوجد في القانون ما يشير إلى تقسيم أي من المحكمتين المذكورتين إلى دوائر؛ كالدائرة المدنية؛ والدائرة الجزائية… وفي هذا المجال يبدو من حالات انعقاد المحكمة العليا من الناحية العملية؛ أن المقصود بالدائرة هو إحدى هيئات محكمة النقض أو العدل العليا، حيث إنها تعقد جلساتها وتصدر أحكامها بناء على طلب هيئة من هيئات محكمة النقض.
المسألة الثانية: ما المقصود بالمحكمةفي عبارة ( قررته المحكمة) الواردة في الفقرة الأولى من النص، وهل يعني العدول عن مبدأ قانوني سابق قررته المحكمة العليا ذاتها، أم قررته محكمة النقض أو العدل العليا؟ وفي هذا المجال نجد في الواقع العملي أن المحكمة العليا كانت تنعقد للرجوع عن مبدأ قانوني كانت قد قررته محكمة النقض أو لرفع التناقض بين مبادئ صادرة عن محكمة النقض، بناء على طلب من هيئة من هيئات محكمة النقض بمناسبة نظر طعن مقدم إليها من أحد الخصوم. ولكنها في النقض 1/2015 قررت الرجوع عن مبدأ كانت قد قررته هي ذاتها في نقض جزاء رقم 117/2010 تاريخ 21/6م2011 ونقض جزاء رقم 189/2011 تاريخ 28م12/2011 المتعلقان بندب القضاة، وقد انعقدت بطلب من رئيسها دون وجود طعن منظور للفصل فيه.
ويفهم من التطبيق العملي المشار إليه أن رئيس المحكمة العليا يدعو هيئة المحكمة للانعقاد عندما تدعو الحاجة للعدول عن مبدأ كانت قد قررته المحكمة ذاتها، وفي هذه الحالة لا يشترط وجود طعن منظور أمامها؛ لأن المحكمة العليا بهذه الصفة لا يطعن أمامها من قبل الخصوم، ويقتصر اختصاصها وفق المادة 46 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 على الطلبات والمنازعات التي يرفعها القضاة. بينما تدعى من قبل إحدى هيئات محكمة النقض أو العدل العليا في الحالات الأخرى، ويكون ذلك بمناسبة وجود طعن منظور أمام الهيئة التي طلبت انعقاد هيئة المحكمة العليا للسبب الذي تبديه في طلبها.
المسألة الثالثة: الإجراءات الواجبة الإتباع لدى المحكمة ، ذلك أن المشرع لم يضع إجراءات خاصة ولم يبين ما هي الإجراءات الواجبة الإتباع ، لذلك ولما كانت المحكمة العليا تضم محكمتي النقض والعدل العليا ولكل منهما إجراءات خاصة بها ، نرى أن موضوع الدعوى هو المرجع في تحديد الإجراءات ، فإن كان هذا الموضوع يدخل بحسب الأصل في اختصاص القضاء العادي وجب تطبيق الإجراءات التي يتبعها هذا القضاء وهي أصول المحاكمات المدنية والتجارية ، وإن كان موضوع الدعوى بحسب الأصل من اختصاص محكمة العدل العليا وجب اتباع الإجراءات المعمول بها لدى هذه المحكمة . ذلك أن إسناد الاختصاص للمحكمة العليا لا يغير من طبيعة موضوع الدعوى ، فاختصاص المحكمة شيء وطبيعة موضوع الدعوى شيء آخر .
(1) المادة 41 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية .
(2) وفق القرار بقانون رقم 15 لسنة 2014 المعدلة للمادة 14 من قانون تشكيل المحاكم النظامية الأصلي رقم 5 لسنة 2001. وقد نشر في الوقائع الفلسطينية عدد 108 بتاريخ 15/7/2014.
(3) المواد 13و14 معدلة بالقانون رقم 2 لسنة 2005 و16 من قانون تشكيل المحاكم النظامية.
(4) المواد 18و19و20و21و22 من قانون تشكيل المحاكم النظامية.
(5) المادة 24 من قانون تشكيل المحاكم النظامية.
(5) المادة 30 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 .
(6) المادة 34.