وتستخلص محكمة الموضوع ما إذا كان المدعي يطالب بقيمة الورقة التجارية أم بأصل الحق الذي أعطيت الورقة من أجله من الوقائع التي ترد في لائحة الدعوى ، فإذا ذكر المدعي فيها أن المدعى عليه مدين للمدعي بمبلغ كذا وذلك بموجب شيك رقم … مؤرخ في …..مسحوب على بنك كذا ، قدم للبنك المسحوب عليه وأعيد بدون صرف لعدم وجود رصيد. واكتفى المدعي بهذه الوقائع أو ذكر في بند ثان أن المبلغ موضوع الشيك هو قرض / أو ثمن بضاعة … فإن الدعوى والحالة هذه تكون دعوى صرفية يكفي فيها إبراز الورقة التجارية كبينة. أما إذا ورد في لائحة الدعوى أن المدعى عليه مدين للمدعي بمبلغ كذا ثمنا لبضاعة أو أجرة بيت … وقد حرر له بالمبلغ شيكا … أو كمبيالة … فإن الدعوى تكون مطالبة بأصل الحق لا يكفي فيها الشيك كبينة، أما إذا تضمنت بيانا عن سبب المديونية بأن كانت كمبيالة ذكر فيها بيان وصول القيمة فإنها تكون بينة كافية. وفي ذلك قضت محكمة النقض أن ” القواعد العامة في الالتزام الصرفي توجب أن يكون سبب الالتزام في الشيك كورقة تجارية موجود ومشروع ، ولما كان سبب التزام الموقع على الشيك هو العلاقة الأصلية التي أدت إلى إنشاء الشيك وهو ما يعبر عنه ببيان وصول القيمة ، سواء كانت هذه العلاقة تجارية أم مدنية ، ولما كان المستفيد من الشيك يملك المطالبة بقيمته وفق أحكام قانون التجارة باعتباره ورقة تجارية كما يمكن أن يطالب بالدين الأصلي متخذا من الشيك دليلا من أدلة الإثبات في الدعوى، ولما كان البند الأول من وقائع وأسباب الدعوى ينص على أن ( المدعى عليه مدين المدعي بمبلغ 25000 شيكل وذلك بموجب الشيك المسحوب من المدعى عليه لصالح المدعي على بنك ….ومستحق الأداء بتاريخ 4/7/1995 . بينما ينص البند الثاني من اللائحة على أن ( إن المبلغ موضوع الشيك الموصوف في البند السابق قبضه المدعى عليه من المدعي قرضا عدا ونقدا ) ولما كان ما ورد في البند الثاني من لائحة الدعوى يبين العلاقة الأصلية التي كانت سببا لتحرير الشيك موضوع الدعوى وأنها ناشئة عن عقد قرض قبض المدعى عليه قيمته عدا ونقدا ، فإن ما قررته محكمة الاستئناف فسخ الحكم المستأنف ورد الدعوى للتناقض بين بندي الدعوى يكون مخالفا للقانون وحريا بالنقض”.(11)
ومن المسائل المهمة في تكييف الدعوى في دعاوى الأوراق التجارية مسألة التحقق من التظهير الوارد على الورقة محل الدعوى وما إذا كان تظهيرا ناقلا للملكية أم مجرد تظهير توكيلي كما في الدعوى رقم 55/2004 بداية نابلس التي سجلت في قلم المحكمة بتاريخ 10/4/2004 ، وطالب فيها البنك المدعي بقيمة 10 شيكات من المدعى عليهما ساحب هذه الشيكات والمستفيد فيها ، ، ودفع المدعى عليه الثاني ( المستفيد) الدعوى في لائحته الجوابية بأنه قام بوضع الشيكات في حسابه لدى البنك المدعي من أجل تحصيلها وقيدها في حسابه وقام بالتوقيع على ظهر هذه الشيكات مع ذكر رقم حسابه لغايات التحصيل . وفصلت فيها محكمة البداية بتاريخ 3/4/2008 ، والحكم الاستئنافي الأول بتاريخ 17/1/2008 ، الذي نقض بتاريخ 12/3/2009 وأعيد لمحكمة الاستئناف التي أصدرت حكما جديدا فيه بتاريخ 18/11/2010 .
رابعا صحة الخصومة : وذلك بالتدقيق في وكالة المحامي ولائحة الدعوى ، للتحقق من
- أن الموكل له صفة في إقامة الدعوى ، وما إذا كان خصما فيها بصفته الشخصية أم بالنيابة عن غيره كالولي والوصي .., ففي الدعوى رقم 75/2010 صلح الخليل وموضوعها المطالبة بمبلغ ، جاء في البند الأول من أسباب الدعوى ( 1- قام المدعي بتوقيع عقد ضمان بينه وبين المدعى عليه مؤرخا في …. الخ) ، وأرفق صورة عقد الضمان موضوع الدعوى . وبالتدقيق في هذا العقد تبين أن الطرف الأول : محمد …. نيابة عن زوجته ….. ، ولم يلتفت قاضي الموضوع لأن المدعي أقام الدعوى بصفته الشخصية وحكم له بالمبلغ المدعى به ، ولكن محكمة الاستئناف قررت فسخ الحكم ورد الدعوى لأن الخصومة غير قائمة بين المستأنف ( المدعى عليه) والمستأنف عليه ( المدعي) ولعدم وجود مصلحة للمستأنف عليه في إقامة الدعوى لأن المصلحة هي لزوجته ، ولكن بعد سنتين من تاريخ إقامة الدعوى ، ومع ذلك تم الطعن في الحكم بالنقض إلى محكمة النقض التي أيدت حكم الاستئناف بعد سنة أخرى ، مع أنه كان على قاضي الصلح عدم قبول الدعوى في الجلسة الأولى .
- ممثل الشخص الاعتباري وما إذا كان الموقع على الوكالة مخولا بذلك قانونا أم لا .
خامسا : التحقق من شروط الدعوى أو مقوماتها ، وشروط قبولها من حيث :
- عدم وجود جهالة في لائحة الدعوى أو اللائحة الجوابية ، وما إذا كانت الجهالة – إن وجدت – بسيطة فيمكن تكليف الخصم بتوضيح الدعوى . أم جهالة فاحشة يترتب عليها عدم قبول الدعوى .
- وجود مصلحة وصفة لأطراف الدعوى .
- كون الدعوى على تقدير ثبوتها ملزمة للمدعى عليه بشيء ومستوجبة الحكم عليه به . ومن تطبيقات ذلك في القضاء الدعوى رقم 3/2000 بداية رام الله ، وموضوعها المطالبة ببدل تعويض عن أضرار معنوية قيمتها ثلاثون ألف دولار أمريكي . حيث تم تسجيل الدعوى بتاريخ 4/1/2000 ، وتم الفصل فيها بتاريخ 3/12/2007 ، وكان عدد الجلسات فيها 44 جلسة منها 11جلسة تأجيلات قلم لأسباب مختلفة ، ونظرها 5 قضاة بصورة فردية ,8 هيئات ثلاثية. وفي النهاية تبين للقاضي الأخير أن موضوع الدعوى يتعلق بالتزام عقدي وأن المدعي لم يثبت إخلال المدعى عليهما بالتزامهما لذلك قرر رد الدعوى . وتم استئناف الحكم وفصلت محكمة الاستئناف فيه بتاريخ 13/4/2001 ، ووصلت إلى محكمة النقض التي قررت بأن الدعوى لا تقوم على أساس قانوني لأنه لا يوجد في القانون تعويض معنوي عن الإخلال بالتزام عقدي على فرض وجود مثل هذا الإخلال ، علما بأن المدعى عليهما قد نفذا التزامهما فعلا . (12)
سادسا : التحقق من وجود تبليغ المدعى عليه / عليهم لائحة الدعوى ومرفقاتها . لأن عدم وجود نسخة التبليغ في ملف الدعوى قبل الجلسة الأولى يعني عدم انعقاد الخصومة ؛ وبالتالي تأجيل الجلسة للتبليغ، وفي ذلك إشغال للمحكمة دون سبب وهو ما يمكن تلافيه قبل الجلسة .
ويقتصر دور القاضي قبل الجلسة الأولى على التحقق من وجود التبليغ وليس التحقق من صحته ، لأن صحة التبليغ وبطلانه لا تثيرها المحكمة من تلقاء ذاتها بل يلزم أن يتمسك بها الخصوم ، ويتوقف ذلك على حضور أو عدم حضور المدعى عليه / عليهم الجلسة الأولى .
وفي حال أعيدت مذكرة تبليغ لائحة الدعوى والمرفقات المطلوب تبليغها للمدعى عليه مشروحا عليها من مأمور التبليغ ( المحضر) بعدم العثور ، يتم إعلام وكيل المدعي بذلك . فإن أفاد بوجود عنوان آخر للمدعى عليه يتم تزويد قلم المحكمة به على الفور لإصدار تبليغ جديد . أما إذا أفاد وكيل المدعي بعدم وجود عنوان آخر للمدعى عليه ، يصدر القاضي قرارا بتبليغه بالنشر والتعليق حسب أحكام المادة 20 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ويسلم هذا القرار لوكيل المدعي لتنفيذه. وعادة ما يتم إخبار وكيل المدعي هاتفيا لمراجعة الدائرة لغايات السرعة في الإجراءات .
سابعا : تدقيق لائحة الدعوى واللائحة الجوابية لتحديد نقطة / نقاط الخلاف ، والنص الذي يحكمها ، لأن ذلك يسهل على القاضي اتخاذ الإجراء المناسب في الجلسة الأولى كما سنرى لاحقا .
ثامنا : التحقق من ترتيب الدفوع الواردة في اللائحة الجوابية وما إذا كان المدعى عليه قد رتبها وفق القانون ، لأثر ذلك في مسألة التمسك بالدفوع بعد تكرار اللائحة الجوابية كما سنرى لاحقا.
(9)(9) في نقض مدني رقم 28/2012 تاريخ 28/5/2012 فرقت المحكمة بين ساعات العمل الإضافي التي لا تزيد عن 12 ساعة في الأسبوع حيث تعد معفاة من الرسوم، وما زاد على ذلك غير معفى، ولكن عادت عن هذا الاجتهاد وقررت أن جميع ساعات العمل الإضافي غير معفاة من الرسوم. .
(10)(10) تمييز حقوق 1255/2005 ه.ع. مجلة النقابة لسنة 2006 صفحة 1242.
(11)(11) نقض مدني 69/2006 تاريخ 11/10/2007
(12)(12) تتلخص وقائع الدعوى في أن المدعي سافر إلى كندا مع عائلته وفي يوم العودة تأخر في المطار لمدة ساعات ، ونقل إلى طائرة أخرى غير التي كان مقررا عودته عليها ، و لم يجد مقاعد متجاورة في الطائرة له ولأفراد عائلته ، ولكنه وصل البلاد في اليوم المحدد لذلك . وعندما اشتكى لشركة الطيران من سوء المعاملة والقلق النفسي الذي أصابه وأسرته من كل ذلك اعتذرت له وأرسلت له تذكرة بقيمة 200 دولار ؛ فاعتبر ذلك إهانة له وأقام الدعوى للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المعنوية التي لحقت به وبأسرته . ورغم أن موضوع الدعوى يتعلق بنقطة قانونية هي : هل هناك تعويض معنوي عن الإخلال بالتزام عقدي في حال حصوله أم لا؟ وكان على القاضي تكليف المدعي بالمرافعة حول هذه النقطة ، إلا أن القضاة الذين نظروا الدعوى استمعوا لشهادات شهود ، وتم تقديم بينات خطية كثيرة رغم عدم وجود أي خلاف حول الوقائع بل كان الخلاف حول إخلال المدعى عليهما بالتزامهما واستحقاق المدعي للتعويض رغم وصوله في الموعد المحدد . أي أن الفصل في هذه الدعوى لم يكن يحتاج سوى مرافعة الطرفين حول هذه النقطة القانونية .