المبحث الثالث
مراحل إدارة الدعوى المدنية
ذكرنا سابقا أنه يقصد بإدارة سير الدعوى المدنية ، سلوك القاضي أو طريقة تصرفه في الجلسة بالنسبة لكل إجراء أو طلب يقدم إليه ، بما يحقق ضبط الجلسة وسيطرته عليها ، وسرعة الفصل فيها بما لا يخالف الأصول المقررة في القانون .
فمن المسلم به أن مهمة القاضي الرئيسية هي تحقيق العدل بأسرع وقت ممكن ؛ لأن العدالة البطيئة ظلم . ولتحقيق هذه الغاية نظم المشرع إجراءات السير في الدعوى بقواعد تحقق التوازن بين الخصوم وتتيح لكل منهم الفرصة لإبداء طلباته ودفوعه ؛ دون أن يخل بحقوق الطرف الآخر . لذلك فإن عدم التزام القاضي بالإجراءات الواردة في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية يؤدي إلى الإخلال بهذا التوازن والإجحاف بحق الطرف الذي تقررت الإجراءات لمصلحته . فميزان العدل في الإجراءات يتحقق بالالتزام بها بدقة .
وقد منح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 القاضي صلاحيات واسعة في إدارة الدعوى والسير فيها بحيث أصبح دوره إيجابيا رغم حياده . ولممارسة هذا الدور على القاضي أن يلم بما قرره له القانون الجديد من صلاحيات وما قرره من إجراءات ، وأن يمارسها بالفعل . ذلك أن حسن سير الدعوى وسرعة الفصل فيها يتوقف على ما يتخذه القاضي من خطوات للإلمام بعناصر الدعوى وتحديد الخطوات اللازمة للفصل فيها ، سواء قبل الجلسة الأولى ، أم في الجلسة الأولى . فإذا بذل بعض الجهد والوقت لفهم الدعوى في هذه المرحلة ، يمكنه أن يسير فيها بكل سهولة؛ دون أن يتيح أي مجال للخصوم أو وكلائهم لعرقلة الإجراءات أو إطالة أمدها . لذلك فإننا سنبين ما يلزم القيام به قبل الجلسة الأولى، ثم نتبعه بالجلسة الأولى وما يليها من جلسات.