سادسا: تأجيل الجلسة
الأصل أن تنظر المحكمة الدعوى في الجلسة المحددة بمذكرة الحضور، ولكن هذا لا يحدث إلا نادرا ، إذ غالبا ما يطلب أحد الخصوم أو وكيله التأجيل وتجيبه المحكمة إلى طلبه ، فتحدد تاريخا آخر لنظر الدعوى ، كما يجوز للمحكمة أن تقرر التأجيل من تلقاء نفسها . والقاعدة أن التأجيل مسألة تقديرية للمحكمة . وفي ذلك تنص المادة (121) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أنه ” للمحكمة تأجيل الدعوى من وقت لآخر وفق مقتضى الحال ولا يجوز التأجيل لأكثر من مرة لذات السبب إلا إذا اقتنعت المحكمة بضرورة ذلك “.
وقد جرت العادة أن يستجيب القضاة لطلبات التأجيل حتى ولو لذات السبب مما فتح مجالا لإطالة أمد المنازعات وتراكم القضايا أمام المحاكم . غير أن القانون الجديد افترض أن المدعي لا يقدم دعواه إلا بعد أن يكون قد هيأ كامل بينته ، وأن المدعى عليه لا يجيب على الدعوى إلا بعد أن يكمل دراسة لائحتها ويهيئ وسائل دفاعه ، فوضع تنظيما جديدا يكفل تفويت الفرصة على أي من الطرفين للمماطلة والتسويف ، ويقلل من أسباب طلب التأجيل إذا ما التزم القضاة باتباعه ،ومن ذلك عدم جواز التأجيل لأكثر من مرة لذات السبب إلا إذا اقتنعت المحكمة بضرورة ذلك ( المادة 121 أصول مدنية) ، مثل التأجيل بناء على طلب أحد الخصوم عندما يكون لازما لتمكينه من مباشرة حقه في الدفاع ، كما لو قدم خصم طلبا عارضا في الجلسة فطلب الخصم الآخر التأجيل للرد عليه ، ويترك القانون للمحكمة سلطة تقدير فترة التأجيل . ولتقليل طلب التأجيل من قبل الخصوم ، يمكن للمحكمة تفعيل نص المادة 186/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ، بحيث يمكن في حال الموافقة على التأجيل لمرة ثانية لذات السبب ، أن تقرر للخصم الآخر مصاريف الجلسة . وقد نصت المادة 14 من تعليمات مجلس القضاء الأعلى على أنه ” 1- فيما عدا حالات التي يجب إثبات أسبابها في المحضر لا يجوز للمحكمة تأجيل الدعوى لمدة تزيد على ثلاثين يوما في كل مرة أو التأجيل أكثر من مرة لسبب واحد يرجع إلى أحد الخصوم . 2- لا يجوز حجز القضية للحكم لمدة تزيد على ثلاثين يوما “. (18)
وفي حال تأجيل الجلسة يفضل تكليف الخصوم بالقيام بما كلفوا به في مهل محددة ، مثل تكليف وكيل المدعي بتقديم مرافعته خلال سبعة أيام وتبليغ نسخة عنها لوكيل المدعى عليه ، ومن ثم تحديد مهلة سبعة أيام لوكيل المدعى عليه ليقدم مرافعته خلالها ، وإضافة مهلة للمحكمة لدراسة الملف ، وبالتالي تأجيل الجلسة مرة واحدة تشمل المدد الثلاثة ، وذلك لإصدار الحكم .
يتبين مما سبق أن المشرع منح القاضي دورا إيجابيا كبيرا وصلاحيات واسعة في إدارة الدعوى وتسيير إجراءاتها بما يحقق حسم المنازعات بسرعة يحول دون الخصوم ومحاولة المماطلة والتسويف.
وغني عن القول إن من المسلم به في القضاء والفقه أن نصوص القانون لا توضع إلا لكي تطبق، وأن النص الذي لا تعمل المحاكم حكمه لا جدوى منه، وأن محاسن أي قانون وأوجه القصور فيه لا تبدو جليّة واضحة إلا بتطبيق أحكامه، حيث يعين ذلك في أن يتلمّس المشرع أوجه النقص والقصور ويعالجها.
يتبين مما سبق أن المشرع منح القاضي دورا إيجابيا كبيرا وصلاحيات واسعة في إدارة الدعوى وتسيير إجراءاتها بما يحقق حسم المنازعات بسرعة ويحول دون الخصوم ومحاولة المماطلة والتسويف .
وغني عن القول إن من المسلم به في الفقه والقضاء أن نصوص القانون لا توضع إلا لكي تطبق، وأن النص الذي لا تعمل المحاكم حكمه لا جدوى منه ، وأن محاسن أي قانون وأوجه القصور فيه لا تبدو جلية واضحة إلا بتطبيق أحكامه ، حيث يعين ذلك في أن يتلمس المشرع أوجه النقص والقصور ويعالجها .
ومع أن الدور الإيجابي للقاضي في الخصومة المدنية سواء بالنسبة لإجراءات نظرها أو إثباتها أصبح أمرا واقعا ونافذا في التشريع الفلسطيني منذ عام 2001 بصدور ونفاذ كل من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية وقانون البينات ، إلا أن الملاحظ أن بعض القضاة ما زالوا متأثرين بما اعتادوا عليه في ظل قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى من دور سلبي، وأن تطبيقهم لما ورد في هذين القانونين من أحكام متعلقة بالدور الإيجابي للقاضي يكاد يكون منعدما رغم مرور ما يزيد على 15 سنة ، ويبدو أنه غاب عن الكثير منهم كيفية استخدام هذه الأدوات وممارسة هذا الدور الإيجابي الذي يمكنهم من توجيه الدعاوى إلى طريقها المستقيم، والحيلولة دون المماطلة والكيد وكسب الوقت، الأمر الذي أبقى على بطء الفصل في الدعاوى وزاد من تراكم القضايا أمام المحاكم ، وأتاح الفرصة للمماطلين وآكلي حقوق الناس بالباطل للاستمرار في تحقيق مآربهم .
(18)(18) في حين نصت المادة 77 من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني على أنه : 1- في ما عدا حالة الضرورة التي يجب إثبات أسبابها في المحضر لا يجوز للمحكمة تأجيل الدعوى لمدة تزيد على خمسة عشر يوما في كل مرة أو التأجيل أكثر من مرة لسبب واحد يرجع إلى أحد الخصوم . 2- ولا يجوز حجز القضية للحكم لمدة تزيد على ثلاثين يوما وإذا أعيدت القضية للمرافعة يجب أن يكون ذلك لأسباب جدية تثبت في محضر الجلسة .