مقارنة بين النصوص السابقة
يتبين من النصوص السابقة ما يأتي :
- نقل واضعو مشروع القانون المدني الفلسطيني النصوص المتعلقة ببيع ملك الغير – وغيرها من النصوص المتعلقة بالعقد القابل للإبطال – عن القانون المدني المصري .
- إن المواد 466 مدني مصري و550و551 مدني أردني و 496 من المشروع الفلسطيني لم تقرر حكما واحدا ، بل قررت لكل طرف في العلاقة حكما مختلفا عن الآخرين .
- فالبائع الفضولي العقد بالنسبة له نافذ لازم ولا يحق له طلب إبطاله أو فسخه.
- والمشتري العقد نافذ في حقه ولكن غير لازم أي يجوز له طلب إبطاله كما في القانون المصري أو فسخه كما في القانون الأردني.
- والمالك الحقيقي العقد غير نافذ أو غير سار في حقه إلا إذا أجازه.
- إن القانون المدني الأردني لم يأخذ بفكرة العقد الموقوف كما هي في المذهب الحنفي ، كما لم يأخذ بها كما في مذهب مالك . بل جعل بيع الفضولي لازما من جهة الفضولي فقط ، وأعطى المشتري حق فسخ البيع .
- لم يبين كل من القانون المدني المصري والأردني والمشروع الفلسطيني الحكم في حال عدم إجازة البيع وهلك البدل في يد الفضولي ، أو هلكت العين في يد المشتري ، وهو نقص في التشريع عالجه نص المادة 135 من القانون المدني العراقي.
- إن فكرة عدم النفاذ أو عدم السريان التي وردت في القانون المدني المصري ، والتي اعتبرها الفقه مختلفة عن فكرة الوقف في الفقه الإسلامي ، هي في الحقيقة مطابقة لفكرة عدم النفاذ أو الوقف ، فكل منها تعني عدم ترتب آثار التصرف إلى أن تتم إجازته ممن له حق الإجازة ، فسواء قلنا بعدم سريان التصرف أو عدم نفاذه أو وقفه فإن هذه المصطلحات الثلاثة لها ذات المدلول القانوني ، ويؤكد ذلك ما ورد في المادة 171 مدني أردني عندما صرحت بأن تصرف الفضولي يكون موقوف النفاذ على الإجازة ، والمادة 551/1 التي بينت أنه إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه ، وهو ذات التعبير الوارد في المادة 467 مدني مصري والمادة 497 من المشروع . فالعقد قبل الإجازة يكون غير سار أي غير نافذ ، وهو ما قرره الفقه الإسلامي واصطلح على تسميته بالعقد الموقوف .
- إن المادة 135 من القانون المدني العراقي التي أخذت بفكرة العقد الموقوف في الفقه الإسلامي قد نظمت مسألة تصرف الشخص في ملك غيره بصورة عامة ولم تقصر ذلك على البيع ، كما عالجت النقص الوارد في كل من القانونين المصري والأردني والمشروع الفلسطيني فيما يتعلق بهلاك البدل أو العين المباعة .
- يتبين من كل ذلك أن فكرة العقد غير النافذ أو الموقوف في الفقه الإسلامي تتصف بالدقة ، وتقرر حكما واحدا للعقد ، وتحقق حماية أكثر مما يحققه العقد القابل للإبطال . فالعقد الموقوف يمتاز بأنه لا ينتج أي أثر من آثاره بالنسبة لجميع أطراف العلاقة ، إلا بعد إجازته ممن له حق الإجازة ( شرعا) قانونا ، وهي تقوم على رعاية المصلحة وتمنع الضرر عن طريق ما تقرره من حق لكل من المتصرف والمتصرف له في فسخ التصرف الموقوف عملا بالقواعد الأصولية ” لا ضرر ولا ضرار ” و ” الضرر يزال “. لأن الضرر يتحقق في النفاذ لا في انعقاد التصرف موقوفا على الإجازة.
- إن مما قلناه بالنسبة لبيع ملك الغير ، يصدق على جميع الحالات التي أخذ المشروع فيها بفكرة القابلية للإبطال أو فكرة عدم النفاذ .
- لم يبين المشروع حكم تجاوز النائب ( الوكيل ) حدود النيابة ( الوكالة) ، لذلك يرجع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية عملا بالمادة الثانية من المشروع التي تقضي بأنه إذا لم يجد القاضي نصا تشريعيا يمكن تطبيقه حكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية ، ولذلك يكون تصرف النائب ( الوكيل ) موقوفا على الإجازة في هذه الحالة.
نخلص من كل ذلك إلى أن فكرة الوقف أولى من القابلية للإبطال لأنها تضع حكما واحدا للمسألة ، فتبقى آثار العقد موقوفة بالنسبة للمتعاقدين وبالنسبة للمالك الحقيقي حتى ترد عليها الإجازة ممن يملكها وببذلك فلا ضرر على أحد . لذلك فإننا نرى أن الأفضل من ناحية السياسة التشريعية الأخذ بفكرة التصرف ( العقد) الموقوف في مشروع القانون المدني الفلسطيني واستبدال النصوص الواردة فيه الخاصة بحالات العقد القابل للإبطال وعدم السريان أو عدم النفاذ ، بنصوص مماثلة لنصوص القانون المدني العراقي والقوانين العربية الأخرى التي أخذت بالعقد أو التصرف الموقوف عن الفقه الإسلامي. وبخاصة أن هذه الفكرة هي المعمول بها في الوقت الحاضر في مجلة الأحكام العدلية .