المبحث الثاني
السقوط
إذا أهمل حامل الشيك في تقديم احتجاج عدم الوفاء في المواعيد التي حددها القانون سقط حقه في الرجوع على الضامنين .
ويختلف أثر إهمال الحامل بحسب صفة المدين في الشيك :
- فبالنسبة للساحب ، إذا كان قد أوصل مقابل الوفاء إلى المسحوب عليه يسقط حق الحامل المهمل بالرجوع عليه . أما إذا لم يكن قد أوصل مقابل الوفاء إلى المسحوب عليه فإنه يعد مديناً أصلياً للحامل ويبقى ملتزماً في مواجهته ، إلا إذا انقضى هذا الالتزام بالتقادم أو بأحد أسباب انقضاء الالتزام الأخرى ، لأن عدم الوفاء من قبله يشكل بالنسبة له كسباً بلا سبب مشروع .
- أما المسحوب عليه ، فإنه لا يعد ملتزماً تجاه الحامل إلا إذا كان مقابل الوفاء قد وصل إليه ، فلا يسقط حق الحامل تجاهه بل يلتزم بالدفع رغم إهمال الحامل في القيام بالاحتجاج .
- أما بالنسبة للمظهرين ، فإنه يسقط حق الحامل بالرجوع عليهم بمجرد ثبوت إهماله ، ويستثنى من ذلك المظهر الذي اشترط عدم الاحتجاج ، فيبقى حق الحامل في الرجوع عليه .
- أما الضامنون الاحتياطيون فإن كلاً منهم يلتزم بما يلتزم به الشخص المضمون، فإذا سقط حق الحامل قبل أحد الملتزمين بسبب إهماله ، سقط حقه بالرجوع على ضامنه الاحتياطي .
ولكن يلاحظ أن سقوط حق الحامل بسبب عدم القيام بالواجبات المفروضة عليه ليس من النظام العام ، لذلك لا يجوز للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه ، بل يجب أن يتمسك به الخصم . كما يجوز الاتفاق سلفاً على التنازل عن حق التمسك بالسقوط كما في شرط الرجوع بلا مصاريف . والتمسك بالسقوط من الدفوع الموضوعية التي يجوز التمسك بها في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يتضح من الدعوى أن من تقرر لمصلحته قد تنازل عن حقه فيه.
والسقوط ليس تعويضاً عن الضرر الذي لحق الساحب أو أي مظهر ، لذلك يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به بغض النظر عما إذا كان قد لحقه ضرر أم لا ، لأن السقوط هو جزاء الإهمال .
وإذا أوفى أحد الملتزمين بقيمة السند للحامل رغم إهماله ، لا يحق له أن يرجع بما دفعه على باقي الموقعين لأنه يكون قد دفع ما لا يجب دفعه .
والسقوط بسبب الإهمال لا يشمل سوى الدعاوى المستندة إلى قانون الصرف ، فإذا كان الحامل المهمل له حق الرجوع على أحد الملتزمين بناء على العلاقة الأصلية القائمة بينهما ، فإن هذه الدعوى لا تسقط بالإهمال وإنما تخضع لحكم القواعد العامة في القانون المدني أو التجاري حسب الحال .
ولما كان السقوط يرجع إلى إهمال الحامل ، فإذا حال دون عرض السند أو تقديم الاحتجاج في المواعيد المعينة حائل لا يمكن التغلب عليه (أي قوة قاهرة)، فلا يمكن الدفع في مواجهته بسقوط حقه . بل تمتد هذه المواعيد – كما سبق وذكرنا – وفق ما هو منصوص عليه في المادتين 191 و 266 من قانون التجارة .
المبحث الثالث
مرور الزمن المانع من سماع الدعوى
(التقادم)
تنص المادة 271 من قانون التجارة على أنه :
- تسقط بالتقادم دعوى حامل الشيك تجاه المسحوب عليه بمضي خمس سنوات محسوبة من تاريخ انقضاء الميعاد المحدد لتقديم الشيك للوفاء .
- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع الحامل على المظهرين والساحب والملتزمين الآخرين بمضي ستة شهور محسوبة من تاريخ انقضاء ميعاد التقديم .
- وتسقط بالتقادم دعاوى رجوع مختلف الملتزمين بوفاء الشيك بعضهم تجاه بعض بمضي ستة شهور محسوبة من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم أو من اليوم الذي خوصم فيه بدعوى الرجوع .
- ولا تسقط بمضي المواعيد المتقدمة الدعوى على الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء أو قدمه ثم سحبه كلا أو بعضاً ، والدعاوى على سائر الملتزمين الذين حصلوا على كسب غير عادل .
ويتضح من هذا النص أن الدعاوى التي تخضع للتقادم الصرفي هي :
- دعوى الحامل على المسحوب عليه الذي لديه مقابل الوفاء .
- دعوى الحامل على الضامن الاحتياطي .
- دعوى الحامل على أحد المظهرين .
- دعوى الحامل على الساحب للمطالبة بقيمة الشيك .
- دعوى المظهرين والضامنين الاحتياطيين بعضهم اتجاه بعض .
مدد التقادم :
تختلف مدة التقادم بحسب الدعوى التي تخضع له على النحو التالي :
أولا : الدعاوى التي تتقادم بخمس سنوات :
دعوى حامل الشيك الذي له رصيد تجاه المسحوب عليه .
ثانيا : الدعاوى التي تتقادم بستة أشهر :
- دعوى حامل الشيك تجاه المظهرين .
- دعوى حامل الشيك الذي له رصيد تجاه الساحب .
- دعوى حامل الشيك تجاه الضامنين الاحتياطيين .
- دعوى الملتزمين بوفاء الشيك بعضهم تجاه بعض من اليوم الذي أوفى فيه الملتزم أو اليوم الذي خوصم فيه بدعوى الرجوع .
ثالثا : دعوى حامل الشيك الذي ليس له رصيد تجاه الساحب .
وقد نصت الفقرة (4) من المادة 271 على أن هذه الدعوى لا تخضع للمدد السابقة، ولكنها لم تحدد مدة خاصة بها ، لذلك يسري عليها التقادم التجاري العادي وهو عشر سنوات .
انقطاع التقادم :
ينقطع التقادم في الحالات التالية:
- إذا أقام الحامل دعوى على الملتزم للمطالبة بالدين الثابت في الشيك .
- إذا صدر حكم بالدين الثابت في الشيك .
- إذا أقر الملتزم بقيمة الدين الثابت في الشيك بموجب وثيقة مستقلة .
- إذا قام الملتزم بتسديد جزء من مبلغ الشيك .
- إذا قام الحامل بأي إجراء قضائي للتمسك بحقه ، مثل الحجز التحفظي على أموال الملتزم ، أو التنفيذ الجبري لدى دائرة الإجراء ، أو التقدم بالدين الثابت في الشيك في تفليسة المدين ، أو التمسك بالمقاصة في حالة مطالبة الملتزم له بحقه أمام المحكمة.
وقف التقادم :
يقف سريان التقادم إذا وُجد عذر شرعي يتعذر معه على الحامل أن يطالب بحقه، سواء كان هذا العذر ماديا مثل قيام حرب مفاجئة أو انقطاع المواصلات ، أم أدبيا مثل العلاقة ما بين الأصول والفروع ، وعلاقة الولي أو الوصي بمن له عليه ولاية أو وصاية.
ولا يستفيد من وقف التقادم سوى من تقرر العذر لمصلحته ، فإذا وقف التقادم بالنسبة لأحد الملتزمين بالسند لا يترتب عليه وقفه بالنسبة للملتزمين الآخرين .
ولا تحسب المدة التي وقف فيها سريان التقادم ، وإنما تحسب المدة السابقة لوجود سبب الوقف ، والمدة اللاحقة لزوال هذا السبب .