يتحقق الاختصاص الوظيفي إذا تعددت جهات القضاء في الدولة الواحدة كما هو الشأن في فلسطين ، حيث رأينا وجود ثلاثة أنواع من المحاكم : المحاكم النظامية ، والمحاكم الدينية ، والمحاكم الخاصة ، وهي تشمل جهات قضائية خمس هي ، القضاء العادي ، والقضاء الإداري (محكمة العدل العليا)، والقضاء الشرعي ، ومجالس الطوائف ، والمحاكم الخاصة . وتعد كل من هذه الجهات وحدة قضائية مستقلة عن الأخرى لها وظيفتها أو وظائفها المتميزة ، وقد تضم كل واحدة منها مجموعة من المحاكم . ويقصد بالاختصاص الوظيفي ، توزيع العمل بين هذه الجهات القضائية المختلفة .
والأصل في توزيع العمل بين هذه الجهات القضائية أن ولاية القضاء مسندة أساسا إلى جهة القضاء العادي ، فقد نصت المادة الثانية من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001 على أنه :
- تنظر المحاكم النظامية في فلسطين في المنازعات والجرائم كافة إلا ما استثني بنص قانوني خاص ، وتمارس سلطة القضاء على جميع الأشخاص .
- تحدد قواعد اختصاص المحاكم وتباشر اختصاصها وفقا للقانون .
وإذا كان هذا النص قد تكلم عن المحاكم النظامية بشكل عام وهي تشمل المحاكم العادية والمحكمة الإدارية ، فإن المقصود بالمحاكم النظامية في هذا الخصوص هو المحاكم العادية ، ذلك أن كلا من القضاء الإداري ، والقضاء الديني ، والمحاكم الخاصة جهة قضائية طارئة وجدت بعد القضاء العادي وأسندت إليها منازعات معينة أخرجها المشرع من اختصاص جهة القضاء العادي ، وعقد الولاية لتلك المحاكم .
لذلك فإن المحاكم الإدارية والدينية والخاصة ، لا تختص إلا بالمنازعات المحددة التي أورد المشرع بيانها بنصوص خاصة في القانون المنشئ لهذه الجهة القضائية ، لذلك يقال بأن القاعدة بالنسبة لهذه الجهات القضائية أنه لا اختصاص إلا بنص . أما بالنسبة لولاية القضاء العادي فإن تقرير اختصاصه بمسألة ما لا يحتاج إلى نص لأن هذا هو الأصل العام .
وقد حدد المشرع اختصاص المحاكم الإدارية (محكمة العدل العليا) في المادة (33) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة 2001 والتي تنص على أنه ” تختص محكمة العدل العليا بالنظر فيما يلي :
- الطعون الخاصة بالانتخابات .
- الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بإلغاء اللوائح أو الأنظمة أو القرارات الإدارية النهائية الماسة بالأشخاص أو الأموال الصادرة عن أشخاص القانون العام بما في ذلك النقابات المهنية .
- الطلبات التي هي من نوع المعارضة في الحبس التي يطلب فيها إصدار أوامر الإفراج عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشروع .
- المنازعات المتعلقة بالوظائف العمومية من حيث التعيين أو الترقية أو العلاوات أو المرتبات أو النقل أو الإحالة إلى المعاش أو التأديب أو الاستيداع أو الفصل ، وسائر ما يتعلق بالأعمال الوظيفية .
- رفض الجهة الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ أي قرار كان يجب اتخاذه وفقا لأحكام القوانين أو الأنظمة المعمول بها .
- سائر المنازعات الإدارية .
- المسائل التي ليست قضايا أو محاكمات بل مجرد عرائض أو استدعاءات خارجة عن صلاحية أي محكمة تستوجب الضرورة الفصل فيها تحقيقا للعدالة .
- أية أمور أخرى ترفع إليها بموجب أحكام القانون .
أما بالنسبة للمحاكم الشرعية . فقد حددت المادة 22 من قانون تشكيل المحاكم الشرعية الاختصاص الوظيفي لهذه المحاكم فنصت على أنه ” مع مراعاة ما جاء في المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات الشرعية لسنة 1959 أو أي تشريع آخر ، تمارس المحاكم الشرعية حق القضاء في الأحوال الشخصية بين المسلمين والقضايا المتعلقة بإنشاء الوقف وإدارته الداخلية لمنفعة المسلمين بما في ذلك ربط عقار الوقف بالحكر وزيادته وإلغائه . وما ينشأ عن أي عقد زواج سجل لدى المحكمة الشرعية أو أحد مأذونيها ، وذلك كله وفقا للراجح من مذهب أبي حنيفة باستثناء ما نص عليه بمقتضى قوانينها الخاصة ” .
أما المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات الشرعية فقد نصت على أنه تنظر المحاكم الشرعية وتفصل في المواد التالية :
- الوقف وإنشاؤه من قبل المسلمين وشروطه و التولية عليه واستبداله وما له علاقة بإدارته الداخلية وتحويل المسقفات والمستغلات الوقفية للإجارتين وربطها بالمقاطعة .
- الدعاوى المتعلقة بالنزاعات بين وقفين أو بصحة الوقف وما يترتب عليه من حقوق أسست بعرف خاص أما إذا ادعى أحد الطرفين بملكية العقار المتنازع فيه مع وجود كتاب وقف أو حكم بالوقف أو كان العقار من الأوقاف المشهورة شهرة شائعة عند أهل القرية أو المحلة وأبرز مدعي الملكية في جميع هذه الحالات أوراقا ومستندات تعزز ادعاءه فعلى المحكمة أن تؤجل السير في الدعوى وتكلفه مراجعة المحكمة ذات الصلاحية خلال مدة معقولة ، فإذا أبرز ما يدل على إقامة الدعوى لدى تلك المحكمة تقرر المحكمة الشرعية وقف السير في الدعوى أمامها إلى أن تبت المحكمة في شأن ملكية العقار وإلا سارت في الدعوى وأكملتها .
- مداينات أموال الأيتام والأوقاف المربوطة بحجج شرعية .
- الولاية والوصاية والوراثة .
- الحجز وفكه وإثبات الرشد .
- نصب القيم والوصي وعزلهما .
- المفقود .
- المناكحات والمفارقات والمهر والجهاز وما يدفع على حساب المهر والنفقة والنسب والحضانة .
- كل ما يحدث بين الزوجين ويكون مصدره عقد الزواج .
- تحرير التركات الواجب تحريرها والفصل في الادعاء بملكية أعيانها والحكم في دعاوى الديون التي عليها ، إلا ما كان منها متعلقا بمال غير منقول أو ناشئا عن معاملة تجارية ، وتصفيتها وتقسيمها بين الورثة وتعيين حصص الوارثين الشرعية والانتقالية .
- طلبات الدية إذا كان الفريقان مسلمين وكذلك إذا كان أحدهما غير مسلم ورضيا أن يكون حق القضاء في ذلك للمحاكم الشرعية .
- التخارج من التركة كلها في الأموال المنقولة وغير المنقولة .
- الهبة في مرض الموت والوصية .
- الإذن للولي والوصي والمتولي والقيم ومحاسبتهم والحكم بنتائج هذه المحاسبة .
- الدعاوى المتعلقة بالأوقاف الإسلامية المسجلة لدى المحاكم الشرعية إذا كان الواقف غير مسلم واتفق الفرقاء على ذلك .
- كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية بين المسلمين .
- كل عقد زواج سجل لدى المحاكم الشرعية أو أحد مأذونيها وما ينشأ عنه .