المطلب الثاني
القانون الخارجي
(القانون الدولي العام)
أدى التطور الاجتماعي إلى انقسام العالم إلى جماعات من الأفراد تقيم كل منها على قطعة محدودة من الأرض تسمى الإقليم، وتخضع لسلطة حاكمة تسيطر عليه وعلى كل ما به من أشخاص وأشياء، وهذه الجماعات هي ما نسميها بالدول.
والدولة في المجتمع الدولي، كالفرد في المجتمع الداخلي، لا يمكن أن تعيش بمعزل عن غيرها، نظرا لعدم توفر كل ما يلزم الدولة لسد حاجات أفرادها المتنوعة. فمنتجات الأرض وثرواتها تختلف تبعا للمناطق والطقس والتكوين الجيولوجي وغيرها من العوامل. لذا تجد الدولة فائضا في بعض العناصر بينما تفتقر إلى عناصر أخرى. فتحتاج تبعا لذلك إلى الدخول في علاقات متعددة ومختلفة مع الدول الأخرى من أجل تبادل الحاجيات والمنافع.
وكلما تقدمت وسائل الاتصال نشطت التجارة الدولية، وكلما تقدمت العلوم والاختراعات زادت حاجة الدول إلى الاتصال والتعاون فيما بينها. وحتى تستمر علاقاتها على أساس من الود والتفاهم والاستقرار بما يحقق مصلحة جميع الدول، لا بد من تنظيم تلك العلاقات. لذلك تكونت مع مرور الزمن مجموعة من القواعد نشأت فيما بين الدول وبرضائها لتنظيم العلاقات فيما بينها. وتطورت تلك القواعد مع الوقت بهدف خدمة المجتمع الدولي في جميع المجالات. وساعد على ذلك الويلات التي مر بها العالم بسبب الحروب. وقد أطلق على القواعد المنظمة للعلاقات الدولية اسم القانون الدولي العام.
فالقانون الدولي العام إذن هو مجموعة القواعد التي تنظم علاقات الدول بعضها مع بعض وتحدد حقوق كل منها وواجباته في وقت السلم أو في وقت الحرب وعلاقاتها بالمنظمات الدولية.
ويقسم القانون الدولي العام إلى جزئين، قانون السلم الذي ينظم العلاقات الدولية وقت السلم وقانون الحرب الذي ينظم العلاقات الدولية وقت الحرب سواء فيما بين الدول المتحاربة، أو بينها وبين الدول المحايدة.
ففي وقت السلم يبين أشخاص القانون الدولي فيحدد العناصر التي يجب توافرها لقيام الدولة واكتسابها الشخصية الدولية، وتقسيم الدول إلى تامة السيادة وناقصة السيادة. كما يبين حقوق وواجبات الدولة بالنسبة للدول الأخرى، وطرق فض المنازعات بين الدول بالطرق السلمية كالمفاوضات والتحكيم والقضاء الدولي والمسؤولية الدولية في قيامها وآثارها. والمنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة. والمنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية، ومنظمة الوحدة الإفريقية وغيرها، وعلاقة هذه المنظمات ببعضها وعلاقتها بالدول.
أما في حالة الحرب فانه يبين متى تبدأ الحرب وكيف تنتهي، والأسلحة التي يجوز استخدامها، وكيفية معاملة الأسرى والجرحى والمعتقلين من المدنيين، وحقوق وواجبات الدول المحايدة بالنسبة إلى كل من الدول المتحاربة، وكيفية إدارة المناطق المحتلة خلال فترة الاحتلال.