المبحث الثاني
زوال الرابطة التعاقدية
تزول الرابطة التعاقدية بأحد الأسباب الآتية :
1- الانقضاء
تزول الرابطة التعاقدية بالانقضاء بعد أن تكون قد استنفذت أغراضها ، كما هو الشأن في الوفاء بالالتزام التعاقدي . مع ملاحظة وجوب التفرقة بين العقود الفورية ، وعقود المدة :
- العقد الفوري ، كالبيع مثلا ، ينقضي بتنفيذ ما يرتبه من التزامات في ذمة كل من الطرفين .
- عقد المدة ، مثل عقد الإيجار وعقد العمل ، ينقضي بانقضاء المدة المحددة له .
2- الرجوع
قد يقرر المشرع لأحد المتعاقدين حق العدول عن العقد الصادر منه بالرجوع فيه بإرادته وحدها، كما هو الشأن في الهبة ، إذ للواهب أن يرجع في الهبة قبل القبض دون رضا الموهوب له .
وله أن يرجع فيها بعد القبض بقبول الموهوب له وفي هذه الحالة يعتبر الرجوع في الهبة إقالة .
كما أنه إذا لم يقبل الموهوب له الإقالة ، يجوز للواهب أن يطلب من القضاء فسخ الهبة والرجوع فيها متى كان يستند إلى سبب مقبول ، ما لم يوجد مانع من الرجوع .
3- الإنهاء
الإنهاء هو تعبير عن إرادة واحدة يحل بها الرابطة التعاقدية بالنسبة إلى المستقبل دون أن ينسحب أثر ذلك إلى الماضي .
ولا يكون الإنهاء إلا بالنسبة إلى العقود التي حددها المشرع وأجاز فيها حل الرابطة التعاقدية بإرادة منفردة ومن ذلك الوكالة، والعارية، والوديعة، وغير ذلك من العقود التي نص عليها المشرع .
وفي هذه الحالات يجب على من له حق إنهاء العقد ألا يتعسف في استعمال هذا الحق ، كاستعماله في ظروف غير مواتية للطرف الآخر ، وإلا لزمه التعويض .
4- الإقالة
يتم إنهاء العقد باتفاق لا حق بين المتعاقدين يسمى بالتقايل أو الإقالة . والإقالة تعتبر عقداً جديداً يتم بإيجاب وقبول صريحين أو ضمنيين . ويشترط في صحة الإقالة وفق المادة 244 مدني ما يأتي :
- سلامة الرضا من العيوب .
- المجلس ، فالإقالة عقد لذا يشترط لها المجلس كغيرها من العقود .
- قيام المبيع وقت الإقالة، وإذا هلك بعض المبيع صحت الإقالة في الباقي بقدر حصته من الثمن.
طبيعة الإقالة :
- تعتبر الإقالة فسخاً في حق العاقدين لذا يتعين إعادة كل منهما إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد .
- بينما تعتبر الإقالة عقداً جديداً في حق الغير، لذا فإنها لا يمكن أن تضر بحقوقه. فإذا قرر المشتري على المبيع قبل الإقالة حقاً للغير كالرهن ، يبقى هذا الحق قائماً بعد الإقالة .
5- الفسخ
معنى الفسخ :
معنى الفسخ ، انتهاء العقد قبل تنفيذه أو قبل تمام تنفيذه بسبب إخلال أحد المتعاقدين بالتزامه . فالفسخ هو جزاء عدم تنفيذ العقد .
وهو يكون في العقود التبادلية ، أي العقود الملزمة للجانبين . ويجوز أن يتفق في العقد صراحة على أن العقد يعتبر مفسوخا من تلقاء نفسه بمجرد تخلف أحد الطرفين عن تنفيذ التزامه ، ويسمى الفسخ في هذه الحالة بالفسخ الاتفاقي . كما يجوز للدائن أن يلجأ للقضاء لطلب فسخ العقد ويسمى الفسخ في هذه الحالة بالفسخ القضائي .
6- انفساخ العقد وتحمل التبعة
- ينفسخ العقد من تلقاء نفسه بقوة القانون إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً ، إذا كانت الاستحالة راجعة إلى سبب أجنبي لا يد للمتعاقد فيه . وينقضي معه الالتزام المقابل ، مثل هلاك المبيع المعين بالذات بقوة قاهرة قبل تسليمه كحصان مثلاً ، إذ يستحيل على البائع أن يجد مثله ليوفي التزامه فلا يقدر على تسليم المبيع ، ولا يجب على المشتري الوفاء بالثمن ، وينفسخ البيع بحكم القانون .
- أما إذا كانت استحالة التنفيذ جزئية في العقود الفورية (أو وقتية في عقود المدة) كهلاك بعض المبيع في يد البائع قبل تسليمه للمشتري ، يخير المشتري بين فسخ العقد وبين أخذ المقدار الباقي بحصته من الثمن .
- فإذا اختار الدائن الفسخ وجب عليه إعلان إرادته إلى المدين .
- ولكن حتى لا يتعسف الدائن في استعمال حقه يفضل النص على وجوب الالتجاء إلى القضاء ليتأكد من أن الاستحالة الجزئية في تنفيذ الالتزام ليست من التفاهة أو البساطة بحيث لا تستأهل فسخ العقد .
تحمل التبعة :
يتحمل المدين في العقد التبادلي تبعة استحالة تنفيذ التزامه ، ففي البيع مثلاً إذا هلك المبيع المعين بالذات قبل التسليم لسبب أجنبي تحمل البائع (وهو المدين بالتسليم) تبعة هذا الهلاك وانقضى التزام المشتري بدفع الثمن .
7- الدفع بعدم التنفيذ
يجوز لكل متعاقد في العقود التبادلية ، بدلاً من طلب فسخ العقد لعدم تنفيذ العاقد الآخر التزاماته، أن يوقف تنفيذ التزامه حتى يتم تنفيذ الالتزام المقابل له ، وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ .
شروط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ :
يشترط للتمسك بالدفع بعدم التنفيذ :
- أن يكون العاقد قد التزم بموجب عقد من العقود التبادلية .
- أن تكون الالتزامات المتقابلة الناشئة عن العقد مستحقة الأداء في نفس الوقت .
أما إذا اختلف وقت تنفيذ الالتزامات المتقابلة بأن كان أحدهما معجلاً والآخر مؤجلاً ، امتنع على من عليه تنفيذ التزامه أولاً ، التمسك بالدفع بعدم التنفيذ .
وإذا تمسك كل من المتعاقدين في مواجهة الآخر بالدفع بعدم التنفيذ ، فإنه يكون على أحدهما الالتجاء إلى القضاء ، وفي هذه الحالة يحكم القاضي على كل منهما بإيداع ما التزم به في خزانة المحكمة أو تحت يد شخص ثالث .
- يجب مراعاة حسن النية في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ ، فلا يسيء المتعاقد استخدام حقه هذا .
- فلا يجوز للمتعاقد أن يتمسك بهذا الدفع إذا كان هو المتسبب في عدم تنفيذ الالتزام المقابل .
- أو إذا كان ما لم ينفذ من الالتزام المقابل هو جزء يسير بالنسبة إلى جملة الالتزام .
آثار الدفع بعدم التنفيذ :
يترتب على الدفع بعدم التنفيذ وقف تنفيذ التزام الدائن طالما لم ينفذ المدين التزامه.
انقضاء الدفع بعدم التنفيذ :
ينقضي الدفع بعدم التنفيذ لأسباب متعددة من ذلك :
- إذا منح الدائن المدين أجلاً جديداً بعد حلول ميعاد الوفاء بالتزامه .
- إذا هلك الشيء المحبوس تحت يد الحابس ، كالبائع ، بسبب أجنبي . وفي هذه الحالة يتحمل المشتري تبعة الهلاك .
- إذا خرج الشيء خروجاً إرادياً من يد الحابس ، كما لو سلم البائع المبيع إلى المشتري .
أما إذا خرج من تحت يده خفية ، أو بالرغم من معارضته أي غضباً ، فله أن يطلب استرداده خلال 30 يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروجه من يده ، وقبل انقضاء سنة من وقت خروجه، أي أن حقه في الاسترداد يسقط بأقرب هذين الأجلين .