المبحث الثالث
الحماية القانونية للمتجر
تؤدي المنافسة في مجال التجارة إلى تقدم المشروعات وازدهارها ، كما تحفز على الإبداع حيث يتبارى المنتجون والتجار في تحسين الإنتاج وتخفيض الأسعار ، وتوفير أفضل الشروط والخدمات للزبائن بهدف اجتذاب أكبر عدد منهم .
ولكل تاجر الحق في اتباع الوسائل الناجحة لاجتذاب الزبائن وتشجيعهم على الاستمرار في التعامل مع متجره ، حتى لو ترتب عليها اجتذاب بعض زبائن محل آخر، لأن الزبائن ليسوا ملكا لأحد .
ولكن هناك حالات تمتنع فيها المنافسة حتى لو كانت وسائلها مشروعة ، وهناك منافسة غير مشروعة . ونتكلم عن كل من هذه الحالات .
1- المنافسة الممنوعة
تستوجب المنافسة الممنوعة حظر القيام بنشاط معين ، وهي إما أن تكون بنص القانون ، أو بمقتضى الاتفاق بين المتعاقدين .
أ- المنافسة الممنوعة بنص القانون :
إما أن يشترط القانون الحصول على مؤهلات علمية معينة لممارسة نشاط معين مثل افتتاح صيدلية، فلا يجوز لمن لم يحصل على درجة علمية في الكيمياء والصيدلة ممارسة هذا العمل.
وإما أن يمنع المشرع المنافسة حماية لمصلحة خاصة كحماية المخترع واحتكار استغلاله .
وإما أن تكون المنافسة ممنوعة بناء على احتكار قانوني كما هو الحال في أغلبية ملتزمي المرافق العامة .
ب- المنافسة الممنوعة باتفاق الطرفين :
ومثالها ، النص في عقد بيع المتجر على منع البائع من إنشاء متجر مماثل بالقرب من المتجر المباع ، واشتراط المستأجر في عقد الإيجار حرمان المؤجر من تأجير جزء من العقار للغير لممارسة نشاط مماثل ، واتفاق العامل ورب العمل على منع العامل من منافسة رب العمل بإنشاء تجارة مماثلة أو العمل عند متجر منافس بعد انتهاء العقد بينهما .
ويشترط في هذه الحالة أن يحدد هذا المنع بمدة معينة أو بمكان معين ، حتى لا تكون قيدا على الحرية .
2- المنافسة غير المشروعة
تكون المنافسة غير مشروعة بين شخصين يمارسان نشاطا متماثلا أو متشابها ، إذا استخدم أحدهما أعمالا أو أساليب غير سليمة منافية للقانون أو العادات أو الشرف من أجل التأثير على زبائن الآخر واجتذابهم .
ولا يشترط لاعتبار المنافسة غير مشروعة أن يكون المدعى عليه سيئ النية ، بل يكفي مجرد الإهمال من جانبه ما دام العمل الذي قام به يعد في الحياة التجارية عملا غير مشروع .
وأعمال المنافسة غير المشروعة لا تدخل تحت حصر ، ولكن الفقه يحاول أن يردها إلى أصول مختلفة تتمثل في ثلاث مجموعات .
المجموعة الأولى ، أعمال من شأنها إحداث الخلط بين المتاجر أو منتجاتها ، مثل استعمال اسم تجاري سبق لمتجر آخر استعماله ، تقليد المظهر الخارجي لمتجر منافس ، تقليد علامة تجارية يستعملها ذلك المتجر .
المجموعة الثانية ، الادعاءات غير المطابقة للحقيقة التي تستوجب الحط من قدر التاجر ، كالطعن في شخصه بالزعم أنه غير أمين أو أنه على وشك الإفلاس . أو الحط من قدر بضائعه التي يتجر فيها بالزعم أنها منتجات مغشوشة أو غير صالحة للاستعمال، أو قليلة الجودة … الخ .
المجموعة الثالثة ، أعمال تهدف إلى بث الاضطراب في مشروع منافس مثل تحريض عمال منافسه ومستخدميه على ترك العمل أو الإضراب حتى يضطرب العمل في المتجر بقصد إحداث الفشل ، أو استخدام عامل كان يعمل في متجر منافس بقصد اجتذاب زبائنه أو معرفة أسراره ، أو إتلاف إعلانات منافس .
وأعمال تهدف إلى بث الاضطراب في السوق مثل توزيع إعلانات أو نشرات تتضمن مزايا مبالغا فيها أو لا وجود لها في السلع التي يبيعها ، أو انتحال ألقاب وصفات غير صحيحة كالادعاء بالحصول على جوائز وميداليات معينة ، أو نشر قائمة يقارن فيها بين أسعاره والأسعار التي يبيع بها التجار الآخرون ، أو البيع بخسارة بقصد تحويل الزبائن عن غيره … الخ .
وللتاجر الذي أصابه ضرر من المنافسة غير المشروعة التي قام بها تاجر آخر أن يرفع دعوى للمطالبة بوقف هذه الأعمال ، والحصول على تعويض عن الضرر الذي أصابه وفق القواعد العامة في المسؤولية عن الفعل الضار .
وترفع الدعوى من المضرور أو نائبه ، وإذا تعدد المضرورون جاز لكل واحد منهم أن يرفع دعواه منفردا ، ويثبت المضرور أعمال المنافسة غير المشروعة بكافة طرق الإثبات .
وترفع الدعوى على مرتكب فعل المنافسة غير المشروعة وكل من اشترك معه فيه، وإذا وجد بينهم ارتباط في العمل فإن مسؤوليتهم تكون تضامنية .
ولا تكون دعوى المنافسة غير المشروعة مقبولة إلا إذا كان الهدف منها حماية مصالح مشروعة . أما إذا كان النشاط الذي يقوم به المضرور غير مشروع كالاتجار بالمخدرات مثلا فلا يستفيد من الحماية التي تترتب على دعوى المنافسة غير المشروعة .
ومتى تحققت المحكمة من وقوع العمل غير المشروع فإنها تقضي بإزالة الوضع غير المشروع الذي ترتب على القيام بتلك الأعمال ، وبفرض الإجراءات الكفيلة بمنعها في المستقبل .
كما يكون لها أن تقضي بتعويض الضرر الذي أصاب المدعي ، فضلا عن الأمر بنشر الحكم في الصحف على نفقة المحكوم عليه إذا وجدت ضرورة لذلك .