المبحث الثالث
انقضاء عقد التأجير التمويلي
ينتهي عقد التأجير التمويلي بانتهاء مدته، كما يمكن أن ينتهي قبل انتهاء مدته.
المطلب الأول
انقضاء عقد التأجير التمويلي بانتهاء مدته
عند انتهاء مدة عقد التأجير التمويلي يكون للمستأجر الخيار بين ثلاثة فروض: إما أن يعلن رغبته في شراء العين المؤجرة، أو أن يطلب تجديد العقد لمدة أخرى جديدة، أو يعيد العين المؤجرة لشركة التأجير التمويلي (المؤجر).
- إعلان الرغبة في الشراء: إذا رغب المستأجر في شراء العين المؤجرة في نهاية مدة العقد؛ بعد أن يكون قد سدد كامل الأقساط، فعليه أن يعلن رغبته تلك في الموعد المتفق عليه في العقد، ويتم الشراء بالثمن المتفق عليه سلفا في عقد التأجير التمويلي؛ وهو غالبا سعر رمزي أو تحفيزي أو رمزي؛(28) يراعى فيه الأقساط المدفوعة؛ وحالة العين المستأجرة بعد استعمالها مدة الإجارة. وفي هذه الحالة يلتزم المؤجر بنقل ملكية العين المؤجرة للمستأجر خلال (15) يوما من أحقية المستأجر بتملك العين المؤجرة، وسواء كانت العين المؤجرة من المنقولات أو العقارات التي تحتاج للتسجيل؛ فإن المؤجر يلتزم بتسجيلها باسم المستأجر وفق الإجراءات القانونية المطلوبة. وإذا امتنع المؤجر عن نقل الملكية، فإن للمستأجر الحق في اللجوء للمحكمة المختصة للحصول على قرار بنقل ملكية العين المؤجرة للمستأجر.(29)
- تجديد عقد التأجير التمويلي: غالبا ما ينص العقد الأصلي على حق المستأجر في تجديد العقد، وتكون شروط العقد الجديد مختلفة عن شروط العقد الأول، والأقساط أقل من السابق؛ مراعاة لما لحق العين المؤجرة من تغييرات نتيجة الاستعمال وانتهاء العمر الافتراضي للعين المؤجرة.
- رد العين المؤجرة للمؤجر: إذا انتهت حاجة المستأجر للعين المؤجرة، أو أصبحت المعدات المؤجرة قديمة لا تواكب التطور التقني والصناعي، ولم يرغب المستأجر في شرائها، فقد نصت المادة 30 من القرار بقانون على أنه عند انتهاء عقد التأجير التمويلي؛ ولم يمارس المستأجر حقه في شراء العين المؤجرة وفقا للعقد، يلتزم بإعادة العين إلى المؤجر. ويتم إعادة العين المؤجرة بالحالة التي تم استلامها فيها؛ مع مراعاة ما طرأ عليها من تغييرات نتيجة الاستعمال المعتاد.(30) فإذا امتنع المستأجر عن إعادة العين المستأجرة للمؤجر، يكون للمؤجر طلب استعادتها بطلب يقدمه لقاضي الأمور المستعجلة وفق ما سبق بيانه.
المطلب الثاني
انتهاء عقد التأجير التمويلي قبل انتهاء مدته
يجوز أيضا وفق المادة 29 من القرار بقانون، إنهاء العقد قبل انتهاء مدته بطلب المؤجر فسخ العقد إذا أخل المستأجر بتنفيذ التزاماته الواردة في عقد التأجير التمويلي، سواء بعدم دفع دفعات الإيجار، أو عدم قيامه بصيانة وإصلاح العين المؤجرة، أو لأي مخالفة جوهرية أخرى لعقد التأجير التمويلي أو التشريعات النافذة.
وغالبا ما ينص في عقد التأجير التمويلي على حق المؤجر بفسخ العقد بإرادته المنفردة بموجب شرط فاسخ صريح عند إخلال المستأجر بالتزاماته. فإذا لم يوجد مثل هذا الشرط يمكن للمؤجر طلب الفسخ بقرار من المحكمة المختصة.
على أنه وفق المادة 29/2 من القرار بقانون، لا يجور للمؤجر فسخ عقد التأجير التمويلي إلا بعد إشعار المستأجر بموجب إخطار عدلي بوقوع إحدى المخالفات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة، وامتناع المستأجر عن الرجوع عن تلك المخالفة خلال عشرة أيام من اليوم التالي لتاريخ تبلغه الإخطار.
أما المستأجر فإنه لا يجوز له -وفق الفقرة 3 من هذه المادة – إنهاء عقد التأجير التمويلي إلا في حال عدم تمكين المؤجر له من الانتفاع بالعين المؤجرة وفقا للمادة 22 من القرار بقانون، ولا يعتبر الإنهاء نافذا إلا بعد إشعار المؤجر بذلك خطيا.
المطلب الثالث
انفساخ عقد التأجير التمويلي
وفق القواعد العامة إذا استحال تنفيذ الالتزام بهلاك العين المؤجرة لسبب أجنبي لا يد للمؤجر فيه؛ ينقضي الالتزام باستحالة تنفيذه، ويترتب على انقضائه انفساخ العقد من تلقاء ذاته بحكم القانون. غير أنه نظرا للطبيعة الخاصة لعقد التأجير التمويلي، وأن المؤجر هو مجرد ممول، والغاية من العقد هي تملك المستأجر العين المؤجرة في نهاية مدة العقد، نصت المادة (17/3) من القرار بقانون على أن هلاك العين المؤجرة أو استحالة استعمالها وفقا للغايات المقررة لها بعد تسلم المستأجر لها، ولو كان ذلك عائدا لسبب أجنبي لا يد له فيه، لا يعفي المستأجر من التزاماته بموجب عقد التأجير التمويلي ولا يحق له المطالبة بفسخ العقد. بمعنى أن هلاك العين المؤجرة لا يعفي المستأجر من دفع كامل أقساط الأجرة حتى تلك التي لم تستحق وقت هلاك العين.
يتبين من كل ما سبق:
أن عملية التأجير التمويلي هي عملية مركبة ترمي إلى تحقيق هدف اقتصادي معين هو التمويل.
وأنها تفترض وجود ثلاثة أطراف هي المورد، وشركة التأجير التمويلي (المؤجر)، وصاحب المشروع المستفيد (المستأجر). ووجود عقدين الأول اتفاقية التوريد بين المورد وشركة التأجير التمويلي، ولا تقوم شركة التأجير التمويلي بإبرام هذا العقد إلا بناء على طلب المستأجر، ولا تهدف منه تملك العين المباعة، بل تأجيرها؛ مع بقائها محتفظة بملكيتها طوال مدة عقد الإيجار كضمان كاف لحقها قبل المستأجر.
والثاني عقد التأجير التمويلي بين شركة التأجير التمويلي والمستأجر. وأن الإيجار ليس هدفا في ذاته، وإنما وسيلة لتحقيق أهداف تمويلية بطريقة تضمن مصالح المؤجر والمستأجر في آن واحد.
وأنه رغم عدم وجود علاقة تعاقدية مباشرة بين المورد والمستأجر؛ إلا أنه يوجد ارتباط واقعي بينهما؛ حيث إن المستأجر عادة هو من يختار المورد والعين المؤجرة؛ وهو من تفوضه شركة التأجير التمويلي باستلام العين من المورد التي تكون محلا لعقد التأجير التمويلي. لذلك قرر له القانون دعوى مباشرة ضد المورد.
كما أن عقد التأجير التمويلي بطبيعته لا يرد على الأشياء الاستهلاكية، بل على ما يستعمل للأغراض ذات الطبيعة الإنتاجية أو للأغراض الشخصية.
لذلك فإن تحديد الالتزامات المتبادلة يتم بطريقة تختلف عما تقرره القواعد العامة بشأن عقد الإيجار العادي، من ذلك:
- تحمل المستأجر جميع التبعات التي قد تترتب على عدم موافقة العين المؤجرة للمواصفات المطلوبة، باعتباره وكيلا عن شركة التأجير التمويلي في معاينة وفحص واستلام هذه العين من المورد، نتيجة تقصيره في فحصها قبل الاستلام.
- تحمل المستأجر جميع النفقات الناشئة عن استلام العين المؤجرة من المورد.
- تحمل المستأجر صيانة العين المؤجرة طوال مدة عقد الإيجار التمويلي.
- تحمل المستأجر التعويض عن الضرر الذي يلحق بالغير من العين المؤجرة.
- التزام المستأجر بدفع جميع أقساط الأجرة في حال هلاك العين المؤجرة.
(28)(28) في فرنسا فرنك أو يورو واحد، إلياس ناصيف؛ صفحة 198، وفي الجزائر دينار واحد، عوالق عبد الصمد صفحة 121، مشار إليهما في عمايرة صفحة 134.
(29)(29) المادة 31/5.
(30)(30) المادة 24/3.