المبحث الرابع
اللوائح الجوابية
بعد أن يتبلغ المدعى عليه لائحة الدعوى عليه أن يقدم إلى قلم المحكمة لائحة جوابية يرد فيها على ما ورد في لائحة الدعوى .
ميعاد تقديم اللائحة الجوابية
نصت المادة (62) من القانون الجديد أن: على المدعى عليه أن يقدم إلى قلم المحكمة لائحة جوابية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغه لائحة الدعوى . وهي ذات المدة التي نص عليها قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى . ولم يرتب القانون الجديد على عدم تقديم لائحة جوابية حرمان المدعى عليه من حضور المحاكمة وإجراء محاكمته غيابيا كما كان الحال في قانون أصول المحاكمات الحقوقية الملغى ، بل وفق المادة (64) يجوز للمحكمة أن تسمح للمدعى عليه بتقديم لائحته الجوابية إذا حضر في أول جلسة تعقدها المحكمة للنظر في الدعوى ، فإذا حضر المدعى عليه في أول جلسة وأبدى عذرا لتخلفه عن تقديم اللائحة الجوابية في الميعاد قبلته المحكمة ، لها أن تسمح له بتقديم لائحته الجوابية ، سواء في ذات الجلسة إن كان قد أعدها ، أو خلال مدة قصيرة تحددها له وفق ما تراه مناسبا كيومين أو ثلاثة أو أسبوع. أما إذا لم يكن للمدعى عليه عذر مقبول فإن للمحكمة أن ترفض السماح له بتقديم لائحة جوابية وتقرر السير في الدعوى ، وإن كان السماح له بتقديم لائحة جوابية يسهل على المحكمة الفصل في الدعوى ويوفر في الوقت والإجراءات .
مشتملات اللائحة الجوابية
نصت المادة (66) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية الجديد على أنه يجب على المدعى عليه في الدعوى الأصلية أو المتقابلة أن يرد في لائحته الجوابية بشكل صريح ومحدد على كل ادعاء بأمر واقعي يدعيه الخصم ولا يسلم بصحته ولا يكتفي بإنكاره المجمل .
وعلى ذلك فبالإضافة إلى البيانات الرئيسة التي تبين المحكمة المختصة، وأطراف الدعوى ، ورقمها ، وموضوعها كما هي واردة في لائحة الدعوى . فإن على المدعى عليه أن يتناول كل بند من بنود لائحة الدعوى فيقر بما ورد فيه ، أو لا يسلم بصحته أو ينكره . فإذا أقر بما ورد في بند معين فإن هذا الإقرار يكفي بالنسبة لهذا البند .
أما إذا لم يسلم بصحة ما ورد في البند أو أنكره ، فإن عليه أن يبين وجه عدم الصحة في هذا البند ، وما هو الصحيح في رأيه ، فلا يكفي أن يذكر المدعى عليه أنه لا يسلم بما ورد في البند كذا من لائحة الدعوى أو أنه ينكر ما جاء في البند كذا ، بل يجب أن يردف قائلا بما يراه هو صوابا .
فلو كان موضوع الدعوى المطالبة بحقوق عمالية نتيجة فصل تعسفي مثلا وكانت لائحة الدعوى تتضمن أن المدعي عمل لدى المدعى عليه منذ تاريخ معين في مصنعه الواقع في مكان معين ، وأن أجره اليومي الأخير هو (كذا)، وأن المدعي في يوم كذا قد فصله من العمل فصلا تعسفيا دون سبب مشروع … الخ .
فإن على المدعى عليه أن يتناول كل نقطة من النقاط المذكورة ولا يكتفي بعدم صحة ما ورد في لائحة الدعوى أو عدم التسليم به أو إنكاره .
فلو لم يسلم أن بداية عمل العامل هي التاريخ المذكور في لائحة الدعوى عليه أن يضيف إلى ذلك بيان تاريخ العمل الحقيقي . فيكون جوابه على هذه النقطة ” لا يسلم المدعى عليه بما ورد في البند ــ من لائحة الدعوى بخصوص بداية عمل المدعي ، ويضيف إن المدعي بدأ العمل لدى المدعى عليه بتاريخ / /
وإذا لم يسلم بمقدار الأجرة اليومية عليه أن يبين مقدار الأجرة الحقيقي .
وإذا أنكر أنه فصل المدعي من العمل تعسفيا ، عليه أن يبين سبب ترك العامل للعمل ، وهي فصله لارتكابه فعلا يوجب فصله حسب القانون ، أو أن العامل ترك من تلقاء نفسه رغم إشعاره حسب القانون بضرورة بيان سبب غيابه عن العمل .
ومن المفيد هنا أن نشير أن المحامين قد درجوا على وضع عدد من البنود في مقدمة اللائحة الجوابية تتضمن دفوعا شكلية وموضوعية منها :
- الدعوى مردودة شكلا وغير مسموعة قانونا .
- الدعوى مردودة لعدم الاختصاص .
- الدعوى مردودة لانعدام الخصومة .
- الدعوى مردودة للجهالة أو للتناقض .
وهذه البنود بالشكل الذي جرى عليه العمل غير سليمة ولا تفيد شيئا ، بل إن كل واحد منها يتسم بالجهالة. وإذا كان لدى المدعى عليه دفع شكلي أو موضوعي حقيقي، فإن عليه أن يذكره بوضوح .
فإذا أراد مثلا أن يدفع الدعوى شكلا ، عليه أن يبين العيب الشكلي الذي يوجب ردها . وإذا دفع الدعوى بالجهالة عليه أن يبين وجه الجهالة الموجب لرد الدعوى ، وهكذا . ويجب أن يسرد الدفوع وفق ترتيبها بأن تكون الدفوع الشكلية أولا ، ثم الدفوع بعدم القبول وأخيرا الدفوع الموضوعية ، حتى لا يفقد حق التمسك بالدفوع الشكلية .
مرفقات اللائحة الجوابية
نصت المادة 62 أن على المدعى عليه أن يقدم إلى قلم المحكمة لائحة جوابية من أصل وصور بعدد المدعين مرفقة بالمستندات التي تؤيد دفاعه ، فإن لم تكن بحوزته فعليه أن يقدم بيانا بالمستندات التي بوسعه الحصول عليها دون الإخلال بحقه في تقديم ما يستجد من مستندات أثناء المرافعة .
ولم ينص المشرع في المادة (62) على أن يقوم المدعى عليه بتصديق صور المستندات المرفقة باللائحة الجوابية كما هو الحال بالنسبة للائحة الدعوى ، ومع ذلك فإننا نرى إعمال نفس الحكم وضرورة تصديق هذه المستندات عملا بمبدأ المساواة بين الخصوم ، علما بأن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم تصديق الصور .
وترفق المستندات مع لائحة الدعوى أو اللائحة الجوابية بحافظة مستندات مع قائمة بمفردات هذه المستندات .
ويلاحظ هنا أن العمل قد جرى على أن يضمن المدعي لائحة الدعوى ، والمدعى عليه لائحته الجوابية بندا ينص على أن لدى المدعي / المدعى عليه مستندات ليست بحوزته ويحتفظ بحقه في تقديمها لدى الحصول عليها ، أو يدل على هذا المعنى . والاعتقاد السائد أن مثل هذا البند يحفظ للمدعي أو المدعى عليه الذي ضمنه لائحته الحق في تقديم أي مستند خلال دوره في الدعوى . ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح . ذلك أن الأمر لا يخلو من واحد من فروض ثلاثة :
الفرض الأول : أن يكون المستند لدى الشخص المعني/المدعي أو المدعى عليه ، عند إعداد اللائحة ، وفي هذه الحالة يتوجب أن يرفق صورة عنه مع اللائحة ، فإن لم يفعل عد مهملا وتعرض لعدم قبول السند في معرض البينة ، ولا يفيده التمسك بالبند المذكور .
والفرض الثاني : أن يكون المستند معلوما للمدعي أو المدعى عليه عند إعداد اللائحة ولكنه ليس بحوزته ، وفي هذه الحالة عليه أن يورد في اللائحة وصفا لهذا المستند حتى يعلم الطرف الآخر بوجوده ومضمونه ، فإن لم يفعل فإنه لا يقبل منه هذا المستند أيضا كالفرض الأول .
والفرض الثالث ، أن لا يكون المستند لدى المدعي أو المدعى عليه عند إعداد اللائحة ولم يكن يعلم بوجوده ، وفي هذه الحالة فإن القانون يجيز له تقديم هذا المستند إذا استجد أثناء المرافعة، أو إذا تبين له وجوده بعد تقديم اللائحة حتى ولو تأكد وجوده قبل تقديمها ، لأنه يكون معذورا في عدم الإشارة إليه في اللائحة ، وذلك حتى لو لم يرد في اللائحة بند يحتفظ فيه بهذا الحق .
ويتبين من هذه الفروض الثلاثة أن البند الذي درج المحامون عليه في لوائحهم ليس له قيمة قانونية ولا لزوم له .
وتجدر الملاحظة أخيرا أن المشرع بعد أن بين مشتملات لائحة الدعوى واللائحة الجوابية نص في المادة (67) على أنه ” إذا ظهرت وقائع جديدة تتعلق بالدعوى بعد إقامتها أو بعد تقديم اللائحة الجوابية المتضمنة ادعاء متقابلا يجوز لكل من المدعي والمدعى عليه أن يتقدم بها أثناء المحاكمة .