لا خلاف بين الفقه الإسلامي والقوانين المدنية العربية فيما يتعلق بكل من العقد الصحيح والعقد الباطل.
فالعقد الصحيح هو العقد السليم من الخلل في أركانه وأوصافه ، بأن تتوفر فيه :
- شروطه من الرضا وتطابق الإيجاب والقبول .
- الأهلية في المتعاقدين.
- الشروط اللازمة في المحل .
- الشروط اللازمة في السبب .
والعقد الصحيح ينعقد في الحال وتترتب عليه آثاره بمجرد انعقاده ، ويلزم كلا من المتعاقدين فلا يجوز الرجوع فيه إلا إذا اتفقا على التقايل منه .
والعقد الباطل هو العقد الذي اختل أحد أركانه وذلك إذا :
- انعدم ركن من أركانه بعدم توافق الإيجاب والقبول ، أو انعدام الرضا بصدوره من غير أهل له بأن عقده فاقد الأهلية كالصبي غير المميز والمجنون.
- فقد شرطا من شروط المحل أو السبب، بأن كان محل العقد مستحيلا أو كان بلا سبب أو سببه غير مشروع .
- عدم توفر الشكل الذي قرره القانون إذا كان العقد من العقود الشكلية.
والعقد الباطل لا يرتب أثرا ، ولا تلحقه الإجازة ، ويجوز لأي من طرفيه طلب إبطاله.
ولكن الخلاف بين الفقه الإسلامي وبعض القوانين المدنية العربية يتعلق بالعقد الذي تتوفر أركانه ويكون له وجود قانوني ، ولكن تخلف شرط من شروط صحته وذلك في حالة :
- وجود الأهلية ولكن ناقصة ، مثل تصرفات الصغير المميز الدائرة بين النفع والضرر، كالبيع .
- وجود الرضا ولكن معيب بأحد عيوب الإرادة كالإكراه .
- تخلف شرط الملك أو الولاية على المحل ، مثل بيع ملك الغير ، وتجاوز النائب
( الوكيل) حدود نيابته.
فهذا النوع من العقود اختلف حكمه في الفقه الإسلامي إلى رأيين :
الرأي الأول : رأي الحنفية والمالكية والحنابلة في إحدى الروايتين والشافعية في المذهب القديم ، ويذهب إلى اعتبار هذا العقد صحيحا ولكنه غير نافذ ، أي أنه لا ينتج أثره لتخلف شرط من شروط صحته ، ونفاذه موقوف على إجازة شخص معين ، فإن أجازه نفذ ، وإن لم يجزه بطل. فالعقد في فترة وقفه يكون له وجود شرعي ( قانوني) لأنه انعقد صحيحا ، ولكن هذا الوجود لا تترتب عليه آثاره ، فإن أجيز أصبح تصرفا نافذا ، وإن تخلفت الإجازة انعدم وأصبح تصرفا باطلا ، فهو عقد غير مستقر قد يؤول إلى أن يصبح تصرفا صحيحا نافذا ، وقد يؤول إلى أن يكون عقدا باطلا. وعلى ذلك فإنهم يعتبرون العقد الموقوف قسما من أقسام العقد الصحيح.(1)
والعقد الموقوف عند الحنفية يمر بمرحلتين ، مرحلة ما قبل الإجازة ، ويكون العقد فيها قابلا للفسخ ، ففي بيع ملك الغير يكون لكل من المشتري والفضولي نفسه حق الفسخ قبل الإجازة، حتى لو أجازه المالك بعد ذلك لا ينفذ لزوال العقد الموقوف . فالمشتري تحرزا عن لزوم العقد في حقه ، والفضولي ليدفع الحقوق والعهدة عن نفسه ، والمالك حماية لحقه حتى لا يخرج من ملكه ما لا يرضى بخروجه . أما بعد الإجازة فيصبح نافذا وتترتب عليه آثاره .
أما في مذهب مالك ، فبيع الفضولي لملك الغير لازم من جهة الفضولي ومن جهة المشتري إذا كان راضيا بالبيع ، ولكنه منحل من جهة المالك.
الرأي الثاني: وهو رأي الشافعية في المذهب الجديد والحنابلة في إحدى الروايتين وأهل الظاهر، ويعتبرون العقد الموقوف عقدا باطلا لصدوره ممن ليست له ولاية التصرف ، لأن الولاية عندهم شرط في الانعقاد لا في النفاذ.
- (1)يقسم الحنفية العقد الصحيح إلى نافذ لازم ، ونافذ غير لازم ، وموقوف . والعقد النافذ اللازم هو الأصل في العقود الصحيحة ، فينعقد في الحال وتترتب عليه آثاره بمجرد انعقاده ، ويلزم كلا من المتعاقدين فلا يجوز الرجوع فيه إلا إذا اتفقا على التقايل منه. وقد نصت المادة 114 من مجلة الأحكام العدلية على أن ” البيع اللازم هو البيع النافذ العاري عن الخيارات “.
أما العقد النافذ غير اللازم فهو العقد الذي يجوز لأحد طرفيه أو كليهما طلب فسخه وهو يكون كذلك في حالتين:
- إذا كان غير لازم بطبيعته ، كالوديعة بدون أجر ، والوكالة ، والهبة ، والعارية ، والرهن ، والكفالة.
- إذا ثبت لأحد المتعاقدين خيار من الخيارات ، كخيار الشرط ، أو خيار العيب ، أو خيار الرؤية. وقد نصت المادة 115 من مجلة الأحكام العدلية على أن ” البيع غير اللازم هو البيع النافذ الذي فيه أحد الخيارات “. ونصت المادة 376 منها على أنه ” إذا كان البيع غير لازم كان حق الفسخ لمن له الخيار “.