يسمى الالتزام الناشئ عن الشيك بالالتزام الصرفي ، وهو يعد تصرفاً قانونياً يجب أن تتوفر لصحته الشروط الموضوعية اللازمة لصحة التصرفات القانونية بشكل عام من رضاء ومحل وسبب وأهلية .
كما أن المشرع قد أخضع الشيك لشروط وقواعد خاصة لتحقق الهدف منه كأداة وفاء تقوم مقام النقود ، فاشترط أن يفرغ في محرر مكتوب يتضمن بيانات معينة نص عليها القانون ، وأن تكون كافية بذاتها لبيان مضمون الالتزام الصرفي وهي شروط شكلية خاصة بالأوراق التجارية .
لذلك سوف ندرس إنشاء الشيك في مبحثين :
المبحث الأول : | الشروط الموضوعية . |
المبحث الثاني : | الشروط الشكلية . |
المبحث الأول
الشروط الموضوعية
يشترط لصحة التزام المدين في الشيك توفر الشروط الموضوعية التي يجب توفرها في جميع التصرفات الإرادية بوجه عام ، وهي الرضا ، والمحل ، والسبب ، والأهلية ، وأن يصدر التوقيع على الشيك ممن له سلطة التوقيع إذا حصل التوقيع لحساب الغير .
فإذا شاب الرضا عيب ، أو كان التزام الموقع على الشيك بدون سبب ، أو كانت العلاقة بين الساحب والمستفيد غير مشروعة ، كأن يستخدم الشيك لتسوية دين قمار أو رشوة ، فإن هذا الدفع يحتج به بين الموقع على الشيك (الساحب أو المظهر) ودائنه المباشر ، وكذلك في علاقته بالحامل سيئ النية. ولكن ليس له أن يتمسك بهذا الدفع في مواجهة الحامل حسن النية ، لأن هذا الدفع من الدفوع التي يطهرها التظهير .
أما إذا انعدم الرضا نتيجة تزوير توقيع الساحب ، فإن ذلك لا يلزمه بشيء حتى أمام الحامل حسن النية ، ولا تتطهر الورقة من هذا الدفع ، ولكن ذلك يقتصر على الساحب الذي زور توقيعه ، أما المظهرون اللاحقون فإنهم لا يستطيعون التمسك بهذا التزوير وفقا لمبدأ استقلال التوقيعات ، ما دامت توقيعاتهم صحيحة وتمت عن رضا صحيح .
وكذلك الحال بالنسبة لعديم الأهلية أو ناقصها ، فله التمسك بهذا الدفع في مواجهة الحامل حتى لو كان حسن النية، لأن حماية عديم الأهلية أو ناقصها تفوق حماية حامل الورقة حسن النية . ولكن هذا الدفع يقتصر على عديم الأهلية أو ناقصها ولا يمتد إلى غيره من الموقعين على الشيك ، إذ يظل كل منهم ملتزما بالوفاء تطبيقاً لمبدأ استقلال التوقيعات .
أما محل التزام الساحب فإنه دائما دفع مبلغ من النقود ، وهو مشروع وجائز التعامل عليه دائما، إلا إذا حرر الشيك بعملة أجنبية حرم المشرع التعامل بها ، فيقع المحل باطلا لمخالفته للنظام العام .
وإذا وقع شخص على شيك باسم شخص آخر ولحسابه ، يجب أن يكون مفوضا بذلك ، وأن لا يتجاوز حدود السلطة الممنوحة له ، وأن يبين صفته كنائب أو وكيل عن الساحب حتى تنصرف آثار الشيك إلى الموكل وفقا للقواعد العامة في الوكالة .
أما إذا وقع شخص على شيك نيابة عن آخر بغير تفويض منه ودون أن تكون له سلطة التوقيع وهو ما يسمى بالنائب المزعوم ، أو تجاوز حدود السلطة الممنوحة له ، فإن الأصيل لا يلتزم لانعدام رضاه كلياً أو جزئياً . لذلك فرض المشرع على كل من النائب المزعوم ، أو من تجاوز حدود النيابة ، التزاماً صرفياً مباشراً بوفاء قيمة الشيك، تحقيقاً للثقة في تداول الشيك وتقوية لائتمانه ، بحيث يتضمن الشيك باستمرار ساحبا ملتزما به ، سواء أكان الموكل الأصيل أم النائب المزعوم أم الوكيل الذي تجاوز حدود وكالته ، فنص في المادة (131) من قانون التجارة على أنه :
- من وقع سند سحب نيابة عن آخر دون أن تكون له صفة في ذلك يصبح بتوقيعه ملزماً شخصياً.
- فإذا أوفى بالتزامه آلت إليه الحقوق التي كانت تؤول إلى من زعم النيابة عنه .
- ويسري هذا الحكم على من جاوز حدود نيابته .
وننبه إلى وجوب عدم الخلط بين هاتين الحالتين ، وبين حالة سوء استعمال النائب التفويض الذي أعطي له ، كأن يوقع على شيك يتضمن المبلغ الذي يدخل في حدود تفويضه ويكون هو المستفيد من هذا الشيك ، فهو يوقع عن موكله بسحب شيك على هذا الأخير لمصلحته الشخصية . وفي هذه الحالة لا تطبق أحكام المادة (131) من قانون التجارة ، بل تطبق الأحكام التي جاء بها القانون المدني الأردني والخاصة بمسؤولية الوكيل في تنفيذ الوكالة .
والقاعدة أن الموكل يكون ملتزماً بالالتزام الصرفي قبل الحامل حسن النية . فإذا كان الحامل سيئ النية ، أي يعرف بأن الوكيل قد أساء استعمال وكالته ، فلا يلتزم الموكل قبله بدفع قيمة الورقة .